منذ سنوات بعيدة لم يظهر قارئ قرآن يليق بالأذن المتلهفة على صوت يواصل مسيرة الكبار، توجد أصوات جميلة لاشك تنتمى لمدرسة التلاوة المصرية، تجتهد، وتلعب دوراً عظيماً فى التصدى للأصوات والأرواح الصحراوية الوافدة، كل قارئ يحاول أن يبحث عن طريق، وربما طرق رصفها الجبابرة الكبار فى هذا الفن، وبين الحين والآخر نتفاءل خيرا بأحدهم، ولكن سرعان ما يتوه وسط الزحام، لأنه رمى نفسه فى السوق ولم يتعلم الموسيقى كما ينبغى، ولم يتفهم حاجة الناس إلى طعم جميل ومختلف يعيش بينهم.
الدولة غير مشغولة بالموضوع، ولا تعرف أن هذا الفن العظيم قبل السينما والغناء والأدب والمسرح عبر عن قوة مصر الناعمة فى العالم الإسلامى كله، فى الأسابيع الأخيرة استوقفنى صوت الشيخ ياسر الشرقاوى الفتى الناصع المبين، أنت أمام موهبة استثنائية، يعرف صاحبها حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويعرف قدر أساتذته، ومع هذا لا يشبه إلا نفسه، أخذ من الشيخ مصطفى إسماعيل الرحابة الريفية الطيبة والمباغتة، أخذ من عبدالفتاح الشعشاعى ومنصور الشامى الدمنهورى لمسة الأرغول ودفء المشاعر وصدقها، أخذ من «مزازة» وطزاجة عبدالباسط وعبدالعظيم زاهر ما يجعلك فرحانا حتى لو كنت فى عزاء حبيب، ومع كل هذا كوّن شخصية فريدة وانتهج طريقا عذبا يخصه وحده.
وأكد أن مخاوفنا على هذا الفن لم تكن حقيقية، سعيت للتعرف إليه مؤخراً، بعد أن جلست إلى تسجيلاته على «يوتيوب»، تهاتفنا، وعندما قصدته للتلاوة فى عزاء أحمد فؤاد نجم، جاء وأبدع، وفاجأ السميعة من المعزين الكثار فى عمر مكرم، جاء يقرأ مع الصوتين الجميلين فتحى عبدالرحمن موسى وعزت سيد راشد اللذين جاء بهما الفنان على الهلباوى على روح الفاجومى أحد أهم خبراء هذا الفن وصديق معظم نجومه، ياسر الشرقاوى من مواليد 1985 فى قرية إخطاب مركز أجا محافظة الدقهلية، درس الشريعة والقانون وتخرج فى الأزهر الشريف، ومنحه الله هيبة ووسامة مشربة بطيبة تليق بصوته الندى، أنت أمام صوت عظيم.. ينتمى لجيل الثورة.