ارتبطت الصورة القديمة للمتحرش فى أذهاننا بذلك الرجل الواقف على ناصية الشارع أشعث الشعر بيده سيجارة ويميز وجهة ندبة ظاهرة.
صورة نمطية لمجرم تتوقع منه فعلا إجراميا من المفترض أن يستهجنه المجتمع ويتصدى له رجالاته.
أين تلك الصورة اليوم؟ تلاشت، اختفت وانتشرت بدلا منها الصورة الأكثر قبحا وواقعية فالمتحرش أصبح كالسرطان الذى تفشى فى المجتمع بأثره، ولم يقتصر وجودة فى الشوارع، أو يرتبط ظهوره بالأماكن الخالية، فاليوم لا تستبعد تواجده خلف مكتب المدير، أو على منصة مدرج الجامعة، أو مرتديا البالطو الأبيض فى عيادته.
الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى يشرح أسباب انتشار تلك الظاهرة ويقول: المسئول الأول عن انتشار تلك الظاهرة وبلا منازع هو الإعلام متمثل فى السينما وخاصة بعد إنتاج عدد كبير من الأفلام تبدل فيها خواص البطل الجان صاحب الأخلاق العالية المبادئ إلى ذلك الشاب المستهتر الذى يقضى يومه فى مغازلة الفتيات، واللاتى يستجبن له بل ويبدين إعجابا بتحرشه اللفظى، وربما ما هو أكثر، وهو ما رسخ لدى البعض أن نموذج الشاب المتحرش هو ما يلاقى إعجابا لدى الفتيات وأنهن يستمتعن بهذا الفعل حتى وإن بدا لديهم بعض التأفف.
لذا نجد البعض يعمد على تقليد كل الأفعال التى يقوم بها أبطال تلك الأفلام.
كما ساعدت ظروف المجتمع، والتى يمكن تشبيهها بتلك التى مرت بها أوروبا فى العصر الفيكتورى، حيث عانى المجتمع من انعدام المبادئ والقيم والأخلاق، وخاصة مع تحول الدين من تعاليم سامية تعمل على تنظيم حياة البشر والرقى بها، إلى شعارات وطقوس جوفاء لا يبغى منها سوى تحقيق مكاسب دنيوية ومادية.
كما أن الكبت الذى تعرض له أفراد المجتمع من نظم الحكم المتتالية، ساعد على خلق العديد من المشاكل النفسية والسلوكية، التى يعبر عنها فى صورة إجرامية منفلتة.
وهو ما أدى إلى تفشى تلك الظاهرة بين جميع فئات المجتمع، دون التأثر بأى اعتبارات سواء فى السن أو المستوى الاجتماعى أو العلمى.
كيف تتصرف الفتاة التى تتعرض للتحرش، هل تواجه أم تصمت؟التجاهل التام، هو ما ينصح به دكتور فرويز، ولكن فى حالات محددة وليس بشكل مطلق.
ففى حالة التعرض لتحرش لفظى فقط، يفضل هنا أن تواجه المرأة بإهمال كامل، وكأنها لم تسمع ما قيل لأن الرد فى تلك الحالة يمكن أن يدفع المتحرش إلى المزايدة على الفتاة، أو التمادى وخاصة فى حالة عدم تواجد أفراد قريبين من الحدث.
أما فى حالة تمادى المتحرش فى فعله، هنا لزم عليها اتخاذ موقف دفاعى وخاصة فى حالة توافر الظروف المحيطة المناسبة، كتواجد أفراد قريبين من الحدث يمكنهم تقديم الدعم.
عدد الردود 0
بواسطة:
moody
بالفعل عندنا اصبح الدين شكلى ويستعملونة للوصول لأهداف مادية وسياسية فقط كما كان تاريخ العص