لم أصدقه يوماً، وعندما واجهته فى ندوة، قبل انتخابات الرئاسة الماضية، نظمتها «اليوم السابع» ضمن سلسلة ندوات لجميع مرشحى الرئاسة، بأنه إخوانى، وذهب إلى مكتب الإرشاد، فى 10 فبراير 2011، وشارك فى اجتماع لمجلس شورى الجماعة بحثاً عن دعمه، تغيرت نبرات صوته، محاولاً أن يكتم غضباً كبيراً بداخله، عن طريق النفى وتغيير وجهة الحديث إلى مسار آخر.
الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، لم استرح لمواقفه، وأكدت لجميع من حولى، أن الرجل يلون مواقفه، ويوظفها، حسب مصلحته، فالرجل أعلن دعمه لثورة 30 يونيو، ثم عاد وأكد أن 30 يونيو موجة ثورية تحولت إلى انقلاب عسكرى فى 3 يوليو، وأن الرئيس مرسى كان مختطفاً طوال 4 أشهر، جازماً أن رفض مرسى لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لا يبرر الانقلاب عليه، مؤكداً أن طريقة عزل محمد مرسى تختلف بشكل كلى عن تنحى حسنى مبارك.
لم يكتف الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، بذلك، وإنما شن حملة عدائية ضد الإعلام، وكشف عن وجهه الإخوانى الحقيقى، عندما اتهم الإعلام بشيطنة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، واستمر فى كشف أقنعته قناعا وراء الآخر، قائلاً نصاً: «إننا نعيش حالة من الفاشية العسكرية فى ظل نظام الحكم الحالى، وأن كل الاعتقالات التى تقوم بها السلطة الحالية ظالمة وتصنع الإرهاب».
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث قرر الرجل منح قبلة الحياة لجماعته، وأجرى اتصالات مع قيادات الإخوان من بينهم محمد على بشر، واتفقا، على جميع التفاصيل التى من شأنها - من وجهة نظرهما - العودة إلى المسرح السياسى من جديد، من خلال دعم مظاهرات الطلاب فى الجامعات، وتعطيل الاستفتاء على الدستور، والدفع بعناصر الإخوان ضمن صفوف حزب مصر القوية.
لا تتعجبوا يا سادة من تلون وأقنعة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المزيفة، إذا علمنا أن الرجل لم يكن بطلا من أبطال تحرير البلاد، ولم يشارك فى حروب مصر المختلفة، وأبرزها حرب 73 على سبيل المثال، ولم يكن يوما جنديا فى جيش بلاده يدافع عن أرض وعرض وشرف هذا الوطن، وإنما كان الرجل جندياً قوياً فى خندق الدفاع عن جماعته الإخوانية الإرهابية، ومسؤولاً فى نقابة الأطباء، ورئيساً للجنة الإغاثة والطوارئ، ومن خلالها سخر أموال المصريين للدفع بها إلى حركة حماس الإخوانية فى غزة، فى توظيف واستغلال العداء مع إسرائيل، كغطاء لتمرير المساعدات لحماس، لتربيتها وتسمينها انتظاراً لساعة قد يحتاجونها.
ومع مرور الوقت جاءت لحظة الاحتياج لحركة حماس، حيث تم الاستعانة بهم فى ثورة 25 يناير لمساندة الجماعة، بداية من اقتحام السجون، وقتل جنود وضباط الداخلية المصريين، وإثارة الفوضى، وتمكين الإخوان من الوصول للحكم، وأن تكون العصا الغليظة، التى ترعب مؤسسات الدولة، والشعب، والتلويح بأن هناك ميليشيات مدربة فى الشارع، تظهر فى شكل طرف ثالث.
لا تندهشوا يا سادة، فطبيعة الأشياء تكشف أنه لا أحد يعلن عن حقيقة نفسه كاملة، وإنما دائماً هناك يوجد شيئ هام يخفيه وراء قناع مزيف، مهما كانت القدرة على تلوينه، فإنه يمكن أن ينطلى الأمر على الناس بعض الوقت، ولكن من المستحيل، أن يستمر هذا الانطلاء، والخداع، والتلون، والتمثيل طول الوقت.
يا سادة، هناك قاعدة سياسية ذهبية، تؤكد استحالة التقاء الجماعة والدولة، واجتماع التنظيم والشعب، فى مسار واحد، وإنما هناك تقاطع بينهم، فى الرؤى والأهداف والمسارات، ولا يمكن لشخص من عينة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، شغل منصب عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان الإرهابية، طوال 12 عاماً كاملة، وتحديداً منذ عام 1987 وحتى عام 2009، يمكن له أن يتنصل فكرياً وعاطفياً، وجسدياً، من جماعته بهذه السهولة.