مناجاة:
يظنون- يامولانا- أنهم غيبوك بين جدران قبر، وعذرهم داخل عقولهم التى لم تدرك بعد أنك فكرة قبل أن تكون جسداً يهتف أو صدراً لا يخشى مواجهة الرصاص..
يعتقد الخبيث فيهم- يامولانا- أن قصتك التى تعرى رجولتهم الضامرة قد أعقبها تتر للنهاية، وعذرهم يبقى فى وعيهم القاصر الذى لم يفهم بعد أن جوهر قصتك كامن فى تلك البسمة التى تطل بها علينا من داخل صورك وكأنها مدد بالرضا والتحدى من معين لا ينضب يحمل اسم عماد عفت.
فى الأرض الآن- يامولانا- أنواع من بشر أمهلها الله وهى تتاجر بدينه ولكنه لم يهملها، فأذاقها ذلا بعد عزة، وبشر لا يجيدون سوى قرع «طبول» تطرب لها آذان السلطة، وبشر يستجدون لمصر رجلا وكأنها عاهرة تبحث عن الستر أو عانس ستموت إن لم تركب القطر، وبشر أهملوا جثتك الطاهرة على أرض ميدان التحرير ووصفوا خروجك للدفاع عن الحق بالفتنة وإشاعة الفوضى لإعاقة مسار العملية الديمقراطية، وبعد عامين من افتضاح أمرهم يقولون الآن بأنهم يسعون لإحياء ذكرى اسشهادك.
يعتقدون- يامولانا- أن الباقى منك مجرد «عمامة»، ولم يفهم الناصح فيهم أن «عمامتك» منهج.. منهج أسس له ورفع بنيانه سيدنا الإمام على حينما قال: (لا يستوحشنّك طريق الحق وإن قلّ سالكوه)، وأنت- يامولانا- ضربت لنا المثل العملى فى التطبيق، نزلت إلى أرض الميدان مع لحظة الثورة الأولى، بينما كان شيوخ الإخوان والسلفيين يستعدون بفتاوى تحريم الخروج على الحاكم، وعدت إلى منزلك مساء 28 يناير وفى جسدك علامات من ضرب العصا وطلقات الخرطوش، بينما كان أهل السياسة وقيادات الإخوان داخل مكاتبهم المكيفة ينتظرون لحظة الفوز للانقضاض على ما تبقى من الفريسة، أو لحظة الهزيمة لغسل أيديهم والتبرؤ مما حدث فى ميدان التحرير وكأنه عيب ونقيصة.
إقرار واقع:
يأخذ الموت أصحاب الأرواح البيضاء، ويتركنا فى جدال مع أولئك الذين ضاقت مساحات السماحة داخل صدورهم.. ذهب الشيخ عماد عفت، ومن بعده محمد يسرى سلامة وبقى لنا أبوإسلام وخالد عبدالله وصفوت حجازى وبكرى وموسى وباقى قائمة المطبلاتية التى لا تجد غضاضة فى أن تصفك بالكفر أو العمالة أو الخيانة، وتتمنى لو أن الله خسف بك الأرض لمجرد أنك تحمل لهم فى قلبك نقدا أو لسلوكهم وأفكارهم رفضاً.
اللهم لا اعتراض على حكمتك، ولا قدرك، أنت عالم الغيب وربما أردت بخيارنا هؤلاء الرحمة فقررت إنقاذهم من دوامة العبث التى نعيشها، وربما أردت أن تعاقبنا بمن أبقيتهم يكفروننا ويصيبوننا فى ديننا لتطهير عوالق ما بنفوسنا قبل أن نلقاك.. الحمد لله على كل شىء.
مناجاة:
يامولانا، لا تسألنى عن مصير دمك ودم بسيونى والحسينى ومينا دانيال، فإنا- والله- نستحى من نفوسنا وهى تنظر لمرايا تعرى فشلنا فى نصرة أرواحكم، وإنا- والله- نخجل من ابتسامة الرضا التى تطاردنا من داخل كل صورة تظهر أنت بها، وإنا- والله- لتائهون، ومتهمون، وغارقون نلتمس أطواق النجاة من بين ملامحك وكلماتك، ومن بين خطوات كل شهيد اصطفاه الله وقدم هو نفسه فداء لفكرة وإيمانا بمستقبل وطن لا يريد الإخوان سوى الانتقام من أهله لأنهم أنزلوهم من فوق العرش، ولا يريد مثقفوه وكبار أحزابه سوى غسيل أدمغته ليقبل بعودة ما كان عليه الأمر قبل 25 يناير حتى تبقى مكاسبهم محفوظة، ولا يعرف شبابه أو بعض شبابه أى مسلك يسلكون بين ضفتى الاتهامات والسهام المتتالية.. ضفة تلقى عليهم بسهام العمالة والتخوين وبيع أرض الوطن والوقوف ضمن صفوف الطابور الخامس، وأخرى ترميهم بسهام كراهية الدين والمشروع الإسلامى ولحس البيادة وعبادة الكاكى، ومنحدر لا يظهر لكل ناظر من خلفه سوى المزيد من الضباب.
شيخنا وسيدنا وشهيدنا وشريفنا الذى عفر قدمه بتراب شوارع التظاهر بحثا عن الحق على عكس شيوخ الفضائيات ومكاتب الإرشاد الذين يجلسون فى مكاتبهم المكيفة ويرسلون شبابهم بأوامر الضرب والسحل والقتل تحت غطاء الحفاظ على الشرعية.. ابتسامة الرضا فى كل صورك تطاردنا.. وإنا بمطاردتها لنا وتذكيرها إيانا باستكمال تلك الثورة لفرحون.. طبت حيٍّا فى فردوس الرحمن الأعلى، وطبت جميلاً بدعائك لنا ألا نحيد أبدا عن درب الحق ولا نميل إلى هؤلاء الذين ألبسوه ثوب الباطل، أو أولئك الذين جعلوه مطية يركبونها من أجل الوصول إلى كرسى السلطة.