أكرم القصاص

عندما تصبح الثورة «فعل ماضى»

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013 07:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كيف تحولت أشواق التغيير فى مصر طوال ثلاث سنوات إلى صراعات حول الماضى، أكثر منها حول المستقبل؟ جماعة الإخوان أفضل ما لديها أفكار من 80 عاماً، وباقى الأحزاب القديمة والجديدة، كل منها لديه تجربة من الماضى، وحتى الثورة أصبحت مجرد تواريخ يتم الاحتفال بها، لنجد أفضل ما يمكن تقديمه هو الصراع فى محمد محمود أو مجلس الوزراء، والتى كانت مجرد محطات تحتاج للمراجعة.
كل تيار يتوقف عند ماض ما، بعيد أو قريب، حتى من هؤلاء الذين يتحدثون عن الثورة، يتوقفون عند أحداث فرعية أكثر مما ينظرون للهدف الأهم الذى قامت من أجله.
الثورة فعل تغيير للمستقبل، لكننا طوال ثلاث سنوات نجح الكثير من الجماعات والتيارات فى تحويلها إلى حسابات للماضى، هناك من يريد إعادة عصر الخلافة من دون أن يتعلم أن الماضى لا يعود ومن يريد أن يرجع إلى عهود لم توجد إلا فى الخيال، بينما كانت فى الواقع بشرا يتصارعون، هناك من يقف عند ثورة 19 ودستور 23، ومن يقفز خطوة إلى الاربعينيات والمرحلة الليبرالية، متجاهلا أن الفقر والتفاوت الاجتماعى والاقتصادى والغضب الذى ترجمته مظاهرات عمالية وطلابية، وحتى الخمسينيات والستينيات أو السبعينيات، هناك من يتوقف عندها من دون إدراك أن كل فترة كان لها عيوبها وميزاتها وأن ما يمكننا تعلمه هو دروس فقط، بينما يستحيل استعادة عصر أو نظام حكم من الداخل أو الخارج.
كانت التجربة السياسية الحزبية من الثمانينيات خير مثال على استدعاء الماضى والتصارع حوله، فالوفد الجديد قضى بعد عودته ما يقرب من عشرين عاما فى صراع مع الناصرية وتجربتها، بينما تجاهل الحزب الوطنى والإخوان، وخاضت الأحزاب من يمين ويسار صراعات مع بعضها داخليا، ومع غيرها، تاركة المجال للجماعة والحزب الحاكم، والنتيجة أنه بعد سقوط السلطة فى يناير لم ينجح أى فصيل أو تيار فى التقاطها.
كانت جماعة الإخوان ومن حولها التيارات الإسلامية السياسية ترفض كامل التجربة المتراكمة منذ نهايات القرن التاسع عشر وترفض البناء عليها وتتبنى فكرة المجتمع الجاهلى التى وضعها سيد قطب وغيره أو الأفكار السلفية القادمة من آسيا من دون أن يدركوا أنه تراث شعب وليس سلطة.
وظلت الأحزاب والتيارات تتعامل كمعارضة غير جاهزة أو ساعية للحكم، حتى عندما سقطت سلطة مبارك لم تكن جاهزة بالبدائل، الإخوان قدمت مشروعا نظريا لم يتم تجريبه، ولا يأخذ فى اعتباره تركيبة السلطة والمجتمع والدولة.
انتهى الأمر مرة أخرى عند ماض ما، وحتى التيارات التى تصدرت القوى الثورية بائتلافات وتحالفات، توقفت هى الأخرى عند ماض ما، فقد توقفوا عند «محمد محمود» و«مجلس الوزراء» باعتبارهما تاريخين ثوريين بينما كانا محطتين لا تمتان فعليا للثورة ولا التغيير لأنهما كانا مصادفات ولم يكونا خطوات محسوبة، ولا مخططة ساهمت فى تأخر الصراع وانتهائه لصالح جماعة الإخوان من جهة والنظام القديم من جهة أخرى، وكانت الخيارات بين الجماعة ونظام مبارك، بينما كان من الممكن التوصل لخيارات مختلفة، تاهت فى خضم الصراع حول الماضى البعيد أو القريب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة