وعن الحياة يستمر الحديث، ففى طريق العمر ونحن نصوِّب أنظارنا إلى الهدف الذى نسعى له، ينبغى لنا أن نعِى أن الطريق هو دعوة إلى النمو والتعلم.. تقول "هيلين كيلر"- رمز الإرادة الإنسانية البارز: "إن الحياة سلسلة متعاقبة من الدروس، يجب أن نعيشها لكى نفهم الحياة".
يقولون أيضًا: "الحياة مدرسة كبيرة"، وقد قرأتُ تعليقًا أعجبنى على هٰذه العبارة يقول: إن هناك فارقًا بين الحياة والمدرسة؛ فإنك فى المدرسة تتعلم الدرس ثم تجتاز الاختبار، أمّا فى الحياة فإنك تتعرض للاختبار أولًا ومنه تتعلم الدرس، نعم.. فى الحياة نتعلم من الاختبارات التى تمر بنا، والتجارب والشدائد والآلام، فكل اختبار يمر بنا يَزيد من معرفتنا، واحتمالنا، وصلابتنا؛ يَحفِر خطوطًا على أيام حياتنا.
هى دروس نتلقنها، ترسم طريقنا وتُضىء لمن يأتون من بعدنا، أليس هٰذا هو تاريخ البشرية الذى كُتب على جدران الزمن؟ فنتعلم منه ونعيش المقولة الخالدة: إن من وعى التاريخ فى صدره أضاف أعمارًا إلى عمره؟
وفى طريق الحياة نتعلم ممن حولنا، من الجميع.. سأل أحدهم واحدًا من الحكماء: ممن أتعلم؟ فأجاب الحكيم: تتعلم من كل إنسان؛ الإنسان الذكى يتعلم من الصفات الحسنة التى فيمن حوله؛ حتى إن كان طفلًا، أو لصًا!! تعجب السائل قائلًا: وكيف أتعلم من الطفل؟ أجابه الحكيم: تعلَّمْ من الطفل الابتهاج، والبساطة، وعدم الخمول لأنه دائم الحركة فكُن أنت أيضًا دائم السعى فى حياتك، وأيضًا الإصرار؛ فالطفل إن طلب أمرًا لا يسكت حتى يناله، لتكُن لك العزيمة والإصرار فى رحلة العمر.. سأل: وماذا أتعلم من اللص؟ أجاب الحكيم: اللص لا يعرف اليأس، فإن لم تنجح إحدى خططه، دبَّر أخرى ليحقق هدفه، أيضًا يتعاون هو وزملاؤه، ومستعد أن يضحى بحياته من أجل تحقيق هدفه، مذللًا كل العقبات التى تواجهه.
لقد أدرك هٰذا الحكيم أننا فى أثناء عبورنا جسر العمر سنلتقى كثيرين من البشر؛ الجيد منهم والردىء، وأنه يجب علينا أن نتعلم كيف يمكننا أن نستفيد من الجميع وننتفع منهم بدروس قد لا تعلِّمنا إياها كتب العالم، وإنما هى فقط فى مدرسة الحياة.
وفى الحياة أيضًا، نتعلم من الأخطاء التى نقع فيها نحن أو الآخرون؛ يُقال: "فى الحياة لا توجد أخطاء، ولٰكن دروس"، هٰكذا يراها البعض: دروسًا ثمينة من الحياة.. أمّا عن الأخطاء القاتلة فإن لم يستفِد منها مَن ارتكبها، فبكل تأكيد سينتفع منها ويأخذ درسًا أولٰئك الذين يعبرون به فى رحلتهم.. إننا بشر وطبيعتنا قابلة للخطأ، ولٰكن لنتعلمْ من أخطائنا لنصحح الطريق ونصل إلى ما تصبو إليه نفوسنا.
تقدم الشاب- الذى انضم إلى العمل فى الشركة حديثًا- للدخول إلى مكتب مديره مترددًا، فقد أخطأ فى اتخاذ قرار فى عمله كلف الشركة مبلغًا طائلًا من المال يتخطى آلاف الدولارات، حاول ترتيب كلمات الاعتذار، وتقديم استقالته يخطر بذهنه، وقد عصفته رياح الأفكار والتوتر! وعندما دخل المكتب و..
وعن الحياة سنبحر معًا فى الحديث..
* الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
مقال رائع ومفيد كالعاده - ولكن اطماع الانسان وانانيته احيانا تتغلب على كل دروس التاريخ
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud
إلى متى؟
عدد الردود 0
بواسطة:
د ايهاب
مقال تحليلي رائع كالعاده
مقال تحليلي رائع كالعاده