فى الوقت الذى كان فيه مواطن مصرى يلفظ أنفاسه الأخيرة أمام مستشفى إمبابة العام من شدة علظة وقسوة قلب الحكومة وانشغال الأطباء بالكادر بدلاً من اهتمامهم بالمرضى، واختفاء مشاعر الرحمة والعطف من قلوب المصريين، قبل أن يسقط من شدة البرد وتغيرات الطقس، كان هناك حوار تليفزيونى إذاعى يبث عبر قناة وإذاعة عجمان بدولة الإمارات العربية المتحدة، حوار يكشف اختلاف قيمة الإنسان من مكان إلى آخر وتباين الحكومات ورد فعل المسئولين تجاه معاناة المواطنين.
المذيع الملقب بأبو راشد يرد على مكالمة هاتفية.. من معى؟.. أم محمد.. اتفضلى.. أم أمحمد: أنا تعبانة كتير، عملوا لى عملية وحصلت لى مشكلة فى الكبد.. المذيع ما هى العملية؟.. أم محمد: "أنا سافرت للعلاج على نفقة الشيخ سلطان حاكم الشارقة، وقعدت شهر فى ألمانيا ونجحت الجراحة، وبعدين احتجت عملية ثانية فقلت اعملها فى مستشفى دبا الحصن (مستشفى حكومى فى إمارة الشارقة)، لكن تعبانة كتير".
المذيع: طيب لحظة واحدة يا أم محمد.. ويقوم المذيع بإجراء اتصال هاتفى بمسئول فى وزارة الصحة الإماراتية على الهواء مباشرة ويصبح الحوار ثلاثى الأطراف.. مسئول وزارة الصحة يسأل أم محمد فينك أنتى يا أمى.. أم محمد: أنا فى البيت يا ولدى فى دبا الحصن.. مسئول وزارة الصحة فى رد لا يتوقعه أحد ولا يتخيله إنسان فى مصر: ساعة واحدة هيكون عندك طبيب فى المنزل يحدد كل احتياجاتك.. أم محمد: أنا محتاجة " سيتستر" ممرضة فى البيت.. مسئول وزارة الصحة يرد وكمان ممرضة هتكون فى خدمتك لحد ما تقومى بالسلامة.. أم محمد: ربنا يخليك لينا يا ابنى.. مسئول ورزاة الصحة يرد: ربنا يخلى الحكومة اللى خلتنا فى خدمتك يا أم محمد.. إحنا كلنا تحت رجليك لحد ما تقومى بالسلامة.
كانت هذه المكالمة يسمعها الناس فى الوقت الذى كانت وزارة الصحة المصرية مشغولة بالدفاع عن فضيحتها وقسوة قلب حكومتها التى تبين للجميع أنها أشد برودة من الطقس والثلج الذى نزل على البلاد فى ظاهرة غير معتادة على المصريين لتكشف لهم حجم التغير الذى طرأ على نفوسهم، والخلل الذى أصاب الشخصية المصرية، والقسوة التى طغت عليها نتيجة أفعال الحكومات والممارسات السياسية العقيمة وحالة السيولة السياسية والثورية التى تعيشها البلد فى ظل عدم وجود شخصية وطنية قادرة على إنقاذ المواطنين وتحظى برضى الناس أجمعين، وحكومة قيادية لديها أفكار وبرامج إبداعية لانتشال الوطن من كبوته.
وفاة مواطن أمام مستشفى إمبابة العام يعانى من البرد ليس سقوطا لمواطن فى مصيدة الموت والإهمال فقط، بل استمرار لسقوط منظومة الصحة والتعليم والخدمات كافة فى الدولة المصرية، ففى الوقت الذى كان الجميع يتوقع فيه أن تخطو الحكومة أولى خطواتها نحو تحقيق العدالة الاجتماعية ولو نسبيا من خلال قانون الحد الأدنى والأقصى للرواتب، فاجأت الحكومة الجميع بتفريغ القانون من مضمونه وأرادت أن تواصل السقوط وتسير على درب أسلافها فى الفساد والدفاع عن الأثرياء، على حساب الفقراء والمهمشين بعدما قررت استثناء العديد من الهيئات والشركات الحكومية والوظائف المختلفة من الحد الأقصى للرواتب، علماً أن الهيئات والشركات والوظائف المستثناة هى التى تحصل على الملايين على حساب المصريين الغلابة الذين يحصلون على الملاليم، وبذلك تصر الحكومة على أن تستثنى المستثنى ليزداد الأغنياء ثراء على حساب خدمات ومصالح الفقراء، للأسف لم تدرك الحكومة مثل أسلافها من الحكومات السابقة أن الناس تريد تحقيق العدالة على أرض الواقع وليس بانشاء وزارة تنفق عليها الدولة الملايين ولايعرف احد ماذا فعلت من أجل المصريين، لم تدرك الحكومة أن الشعب يريد الحصول على الخدمات والإتقان فى إنجاز الأعمال قبل الديمقراطية والحريات وإلهاء المواطنين بمسلسل السياسة والإرهاب والانتخابات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed
بارك الله فيك
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
لك الله يامصر
صح الصح
صح الصح