لقد قال سيد الخلق، سيدنا محمد صلى الله على وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. وبأبسط المفاهيم، فالبعثة المحمدية قد جاءت للوصول بالسلوك الإنسانى إلى السمو والرفعة فى الأداء حتى يرتقى الإنسان نفسيًا وإيمانيًا، ويحقق السلام الذاتى والسلام الاجتماعى. والمبادئ التى جاء بها رسولنا الكريم تحوّل الإنسان إلى نبتة تعطى خيرها للآخرين، وتسعد بعطائها، وذلك لأن المسلم يعلم يقينًا أن البخيل غير محبوب من الله سبحانه وتعالى ومن نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام، لأنه يمنع خير الله عن عباده، يضاف إلى هذا أن العطاء صفة ربانية، والبخيل يحجبها.
قال خير الخلق أجمعين عليه الصلاة والسلام: «أفضل المؤمنين إسلامًا من سلم المسلمون من لسانه ويده وأفضل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا وأفضل المهاجرين من هجر ما نهى الله عنه وأفضل الجهاد من جاهد نفسه فى ذات الله»، وقال أيضًا عليه الصلاة
والسلام: «أفضل شىء فى الميزان الخلق الحسن»، وقال: «أفضل المؤمنين أحسنهم خلقًا».
والخلق الحسن هو تعبير عن نفس طيبة ومؤمنة تراعى الله سبحانه ورسوله عليه الصلاة والسلام، وهى تعلم أن الله ناظر إليها، ومطلع على أفعالها، وسوف يثيبها على كل ما يصدر منها، خيرًا كان أم شرًا، وهى نفس أيضًا قد امتلأت بحب الآخرين، فهى نفس تسعى إلى إسعادهم بالقول لو بالفعل.
وقال حبيبنا وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: «أفضل المؤمنون مخموم القلب صدوق اللسان. قالوا يا رسول الله ما مخموم القلب؟ قال التقى النقى الذى لا إثم فيه ولا بغى ولا حسد، قالوا فمن يليه؟ قال الذين نسوا الدنيا وأحبوا الآخرة، قالوا فمن يليه؟ قال مؤمن فى خلق حسن».. وهذا يعنى أن طهارة الباطن من الذنوب الحسية والمعنوية، والزهد فى الدنيا الرخيصة، مع حسن الخلق ترفع الإنسان إلى الدرجات العُلا.