(1)
يشعر الإخوانى – أى إخوانى – بالرضا النفسى وهو يستخدم لفظة «انقلابى» أو «عبد البيادة» مع كل مواطن مصرى مخالف له فى الرأى، أو كل هاتف بسقوط مرسى، أو كل ساخر من مظاهراتهم، أو كل مخنوق من محاولاتهم الفقيرة للإبداع أو الإضحاك، أو كل كاشف وفاضح لعيوبهم وفشلهم.
وخلف هذا الرضا النفسى تكمن حقيقة جوهرها يقول إن الإخوان حتى هذه اللحظة لم يفهموا ما الذى يحبه المصرى وما الذى يكرهه، ما الكلمة التى قد تجرح كرامته أو الكلمة التى لا تجدى مع أذنه أو قلبه أو عقله نفعا.
(2)
الإخوان سقطوا لأنهم لم يفهموا الشارع المصرى ولا مزاج المواطن المصرى، القيادى الإخوانى الذى يتخيل أن تكرار مصطلح انقلاب أو لفظة «انقلابى» سيثير غضب أنصار 30 يونيو هو حتما غائب عن الوعى لم يدرك بعد أن جمهورا عريضا تربى على أسطورة النقاط الثلاث أهم من الأداء لا يمكن أن تفسد فرحته كلمة انقلاب أو انقلابى.. المهم أنه تخلص مما يريد وفاز فى معركة إزاحة الإخوان من السلطة.
الإخوانى الذى يتخيل أن تكرار مصطلح انقلاب تمهيد لإثبات حق تاريخى فى أن جماعته لم تفشل فى الحكم وتعرضت لإزاحة عسكرية من الحكم، يعانى من خلل فى إدراك الواقع الذى يخبر الجميع أن الإخوان عملوا بكل جهد بعد يوليو 52 لإقناع العالم والمصريين بأن ما حدث فى 23 يوليو لم يكن ثورة بل انقلابا عسكريا وفشلوا فى ذلك، ثم قاموا بتتويج فشلهم باعتراف رسمى من قبل مرسى وقيادات الإرشاد بثورة يوليو حينما احتفلوا بها رسميا، واعترف مرسى بأفضالها من داخل مصنع الحديد والصلب بالتبين.
(3)
الإخوانى لم يدرك بعد أن المصرى تتلمذ على يد جماعة الإخوان طوال السنوات الماضية وتخرج من مدرستها القائمة على النفعية والبراجماتية وإعلاء قيمة مصلحته فوق عواطفه وبناء عليه لن تهتز شعرة فى رأسه بسبب لفظ انقلاب أو عسكر أو غيره فلن يبحث إلا عن مستقبل وطن خال من رئيس فاشل وجماعة مقتنعة بأن «عاشور وفودة» هما رأسا المؤامرة عليها.
الإخوانى سيستوعب لاحقا أن الانقلابى غير مهتم بالتوصيف لأنه فى قناعة نفسه يدرك أن اللقب حصل عليه من خلفية الانقلاب على شر الجماعة وغباء مرسى وجهل رجاله، وليس من خلفية حدوث انقلاب عسكرى.
الانقلابى غير مهتم بالتوصيف ولا بهتافات المظاهرات الإخوانية المسروقة من أغانى الألتراس أو مظاهرات اليساريين فى تأكيد جديد على افتقار تلك الجماعة للإبداع والخيال، الانقلابى غير مهتم لأن عينه سليمة رأت الملايين التى نزلت إلى الشوارع تهتف بسقوط محمد مرسى بينما عين الإخوانى كانت مصابة بهلاوس مكتب الإرشاد.
(4)
الانقلابى شخص عاقل يعرف أن الفوتوشوب لا يلد الملايين ولا يملك عليهم حق السمع والطاعة ليدفعهم إلى الشوارع متظاهرين ضد محمد مرسى، الإخوانى سلم عقله إلى خزائن مكتب الإرشاد فإن قالوا له «الفوتوشوب» هو سبب انهيار حكم الإخوان صرخ وقال «آمين» حتى وإن كان مؤمنا بأن الفوتوشوب أكلة يابانية.
الانقلابى عاقل رشيد يعرف مسبقا أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الأجلاء أبوبكر وعمر وعثمان وعلى وباقى الصحابة رضوان الله عليهم هم اليد التى امتدت لترسيخ مفهوم الإسلام الصالح لكل زمان ومكان، وهم العقل الذى نشر أفكار الإسلام التى قامت عليها إمبراطوريات ودول، بينما الإخوانى مجبور على أن يرى مثلما يقول له شيخه طارق سويدان بأن مفهوم الإسلام صالح لكل زمان ومكان لم يرسخ فى الأمة إلا بعد رسالة حسن البنا.
الانقلابى متزن نفسيا ويقدر الشخصيات التى تعرف دورها جيدا وتؤمن نفسها بأى شكل حتى لا تصبح مادة للسخرية والنكات، ولذلك تفهم أداء الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، بينما الإخوانى غائب عن الوعى أفهمه مكتب الإرشاد أن الفقرة الهزلية التى يقدمها مرسى فى خطاباته ويسخر منها الشباب هى قمة الأداء فى مجال الخطابة السياسية..
الإخوانى كان مضطربا نفسيا يقول لمرسى زدنا من «الهرتلة» يا ريس.. هرتلة سعادتك درر فكرية، بينما الانقلابى واقعى يقول لعدلى منصور: أمن نفسك بالشكل الذى تريده.. دعهم يتحدثون عن حفظك للإجابات.. عن رتابة حديثك.. كل هذا لا يهم.. المهم ألا تتحول إلى بلياتشو مثل محمد مرسى الذى تلد خطاباته كثيرا من الإفيهات التى تأكل من هيبة الرئيس.