أكرم القصاص

التفسير «المافياوى» للإرهاب

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013 06:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل إرهاب وراءه تخطيط وتمويل وعقيدة، وأيضا خطوط وشبكات ومصالح سياسية، التفجير الإرهابى لمديرية أمن الدقهلية، أو العمليات فى سيناء وضد الجيش والشرطة والمدنيين، تتجاوز ما هو ظاهر، لتعكس مصالح لدول وأجهزة تتقاطع أو تتوازى مع هذه العمليات، ويحكمها قانون المافيا، وهناك من يبرر الإرهاب بأنه رد فعل، أو يتجاهل ضحايا الإرهاب من الضباط والجنود، وربما يدافع عن صناعى وممارسى العنف، وهو أمر يدخل ضمن تعقيدات شبكات المافيا، التى تتداخل مع منظمات أهلية أو إعلامية.
«قل للزعيم إننى لا أكرهه ولكن الموضوع «بيزنس»، يعنى «شغل» قالها أحد أعضاء المافيا فى رواية عندما خان رئيس العصابة فى «الأب الروحى» لصالح عصابة منافسة، وأرسل الزعيم من يقتل الخائن ويبلغه، أنه «مش زعلان منه لكن الموضوع شغل».
العلاقة فى عالم المافيا واضحة، يختار كل طرف انحيازاته ومصالحه ويدفع ثمنها، والمافيا ليست مجرد عصابات للقتل والسرقة، لكن القتل والسرقة والتهريب، لحماية المصالح، ولهذا تضم المافيا فى شبكاتها رجال شرطة وقضاة ونوابًا فى الكونجرس وموظفين ورؤساء نقابات، لأن المافيا تدعم السياسيين والمرشحين، وتطلب منهم خدمات مقابلها، مصالح المافيا تتداخل مع الصناعة والسينما والسلاح والدواء.
انتهت المافيا التقليدية نظريًا لكنها تحورت وبقيت فكرة شبكات المصالح تحكم عالم السياسة والمال، والحروب والصفقات، وهو أمر ليس بعيدًا عما يجرى على الساحة الآن، حيث يتشابك المال والسياسة والإرهاب والحروب والسلاح.
الإرهاب ليس بعيدًا عن كل هذا تنظيم القاعدة قام بمعرفة أمريكا فى أفغانستان وبتمويل من دول عربية وإسلامية، لمواجهة السوفييت، ولما انتهت الحرب الباردة، وهاجمت القاعدة أمريكا، شنت الأخيرة الحرب عليها، وعادت القاعدة لتمثل يدًا لمن يدفع، فى تدمير العراق، وفى سوريا وسيناء تقود حروبًا بالوكالة لصالح أمريكا ولو بشكل غير مباشر.
تنظيمات الإرهاب تختلف عن المافيا فى أنها تعمل بدافع الكراهية والحقد، الذى يرتدى وجوه دينية أو عقائدية، لكن شبكات المافيا السياسية، توظف الكراهية الإرهابية من أجل مصالحها، فإذا كانت القاعدة تفيد أمريكا فى تفكيك العراق، وتحويل الثورة الشعبية ضد نظام قمعى إلى حرب أهلية وطائفية ضد مصالح الشعب، القاعدة والإرهابيون يقومون بدور مهم لصالح مافيا السياسة والسلاح فى العالم، وتنظيمات الإرهاب الفوضوى تلعب دورًا ضمن عالم المافيا الجديدة، والتى ربما كانت جماعة الإخوان جزءًا منها.
الجماعة وتنظيمها الدولى لهما مصالح اقتصادية وسياسية، وتحالفات ترتبط بمصالح فى شبكات السياسة والمال والسلاح بالعالم، تقترب وتتقاطع، مع مصالح دولية. والأجهزة التى أسست ودعمت القاعدة، وما نتج عنها من تنظيمات، كانت ترى إمكانية أن تعيد توظيف هذه التنظيمات لتكون جزءًا من خطط سياسية واقتصادية.
جماعة الإخوان مارست العنف فى الأربعينات والخمسينات والستينات، وأدبيات منظريها تقوم على تكفير المجتمع، وهى نظريات حكمت التنظيمات الإرهابية الكبرى منذ السبعينات، لكن الإرهاب تطور وأصبح جزءًا من مافيا عالمية، والتنظيمات لا تعمل مجانًا، وإنما لمن يدفع، وله مصالح من الإرهاب، وحتى جماعة الإخوان لها تنظيم دولى وأذرع، وتشابكات إقليمية ودولية.
ومواجهة الإرهاب تحتاج إلى تفكيك العلاقات وشبكات المصالح، وخيوط التمويل والمستفيدين، ومن خلفهم من شبكات المال والسلاح، والسياسة والتبرير والإعلام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة