عن الحياة ومدرستها بدأنا الحديث حتى وصلنا إلى أن أخطاءنا التى نرتكبها فى حياتنا ما هى إلا دروس تساعدنا على التعلم وتخطى العقبات التالية. وتحدثنا عن الشاب الذى تسبب بخطأ قراره فى خَسارة كبيرة لشركته، وعند استعداده للقاء مديره كانت كلمات تقديم الاستقالة تقفز فى ذهنه ويحاول ترتيبها، وما أن وقف أمام المدير حتى بدأ فى الاعتذار عن الخطأ الذى تسبب فيه؛ موضحًا الأسباب التى جعلته يتخذ هٰذا القرار، وأنه أدرك خطأ قراره إذ كان مبنيًا على وجهة نظر واحدة لم تراعِ بعض الجوانب الأخرى. وانتهى من حديثه بالتقدم باستقالته لكون قراراته عادت بخَسارة للشركة. وكان المدير منصتًا إليه، ولكن عندما صرح الشاب بقراره فى تقديم استقالته قاطعه قائلًا: أأنت جاد بالفعل فى الاستقالة، بعد أن تكبدت الشركة هٰذا المبلغ الباهظ من تعليمك؟! ثم تابع حديثه: لقد تسببتَ بالفعل فى خَسارة كبيرة كان يمكن تجنبها، إلا أن هٰذا الخطأ قد كان درسًا لتعليمك فى المستقبل كيف تتعامل إزاء المشكلات، وكيف تتخذ القرار الصائب، فهل بعد أن تكبدت الشركة ثمن ما تعلمتَه أنت ستترك مكانك هٰكذا؟! لقد كانت وِجهة نظر المدير أن الخطأ الذى فعله الشاب فى عمله ما هو إلا درس تعلَّم منه، ودفعت شركته ثمن تعليمه إياه، وأن هٰذا الدرس بلا شك سيعود بالنفع عليه ومن ثَّم على الشركة فى المستقبل.
لذا اعتبِر كل خطأ تفعله فى حياتك هو خبرة جديدة تُضيفها إلى أيامك فتُثقلها، وٰهذه الخبرة بلا شك أفضل من "اللا شيء" لأولٰئك الذين لا يقومون بعمل أى شيء! يقول البعض: "إن حياة بها أخطاء أفضل كثيرًا من حياة تنتهى دون عمل شيء فيها".
أيضًا لا تستفِد من أخطائك فقط بل تعلَّم أيضًا من أخطاء من حولك؛ فإنها دروس أخرى فى مدرسة الحياة، فذاك الذى يرغب فى التقدم فى دربه سريعًا يتعلم من كل ما يمر به فى حياته، وأيضًا من أخطاء من يسير معه فى الطريق ليكتسب خبرات فوق خبراته.
والبعض يعتبر الخطأ فى الحياة هو فشل، ويبتعد، ولا يحاول التعلم أو التجربة مرة أخرى، وعن هٰذا أعجبنى ما قام به المخترع "توماس إديسون" فى اختراعه للمصباح الكهربائى الذى أضاء العالم، فقد بدأت فكرة هٰذا الاختراع حين مرِضت والدته مرضًا شديدًا، وقرر الطبيب أن يُجرى لها عملية جراحية فورية، إلا أن الليل كان قد حل ولم يكُن ضوء كافٍ لإجراء العملية، ما اضطره إلى الانتظار حتى شروق الشمس!!
بدأ إديسون فى محاولاته لاختراع المصباح الكهربيّ، وفى كل مرة يتعرض لفشل حتى وصل عدد تجاربه إلى أكثر من 99 تجربة فاشلة!! إلا أنه كان يقول بعد كل مرة: "هٰذا عظيم! لقد أثبتنا أن هٰذه أيضًا وسيلة "غير ناجحة" للوصول إلى الاختراع الذى أحلُم به".
وكان لا يُطلق عليها تجارب فاشلة بل تجارب "لم تنجح"! حتى نجَح ليلة رأس السنة واستمر الضوء إلى مطلع فجر اليوم الأول من عام 1880م. وعن الحياة سنبحر معًا فى الحديث..
* الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسيّ.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
مقال رائع كالعاده بالفعل الفشل بداية طريق النجاح -وفى ظل القدوه الحسنه تذلل كل المشاكل
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب القبطى
فاقد الشىء لا يعطيه
عدد الردود 0
بواسطة:
طاها محمد
النجاح مع التعلم من الأخطاء