هؤلاء الذين ينسون الدروس البعيدة للتاريخ لماذا ينسون القريبة أيضا؟ فى العلاقة مع أصحاب الاتجاهات الدينية كما يقولون لماذا ننسى درس الرئيس الراحل أنور السادات الذى سمى نفسه الرئيس المؤمن وفتح كل الأبواب لهؤلاء الإخوان المسلمين كما يقولون وكانت النتيحة اغتياله عن طريق فريق منهم أو خارج من عباءتهم وإن كان منضما لجماعة تسمى نفسها بالجهادية؟.. هذا الفريق الجهادى خارج من عباءة ذلك الفريق الذى يسمى نفسه معتدلا لأن الأصل أنهم فقط المسلمون! أحدهما يعمل على مهل حتى يتمكن والآخر متعجل للنهاية أو للجنة كما يزعم.. السادات نفسه الذى ساعد هذه التيارات ونظامه الذى سمح لهم منذ عام 1972 بإقامة المعسكرات للتدريب على فنون الكاراتيه وغيرها ليواجهوا شباب الجامعات اليسارى والناصرى ثم امتد الحبل على الغارب ليواجهوا من يخالفهم فى أى مكان.. السادات نفسه كان عنصرا من عناصر تشجيع القاعدة مع أمريكا فى حربها على الاتحاد السوفييتى فى أفغانستان.. وكان تدريب كثير من عناصرها يتم فى مصر وهم الذين عرفوا بعد ذلك بالعائدين من أفغانستان.. أى أن السادات نفسه مع أمريكا كانا وراء قوة القاعدة وما تفرع عنها فى العالم عربيا وأجنبيا.. والقاعدة نفسها بقيادة بن لادن استدارت بعد انسحاب الاتحاد السوفييتى من أفغانستان لتشن الحرب على أمريكا.. بعد السادات كان مبارك متهادنا مع الإخوان المسلمين رغم الحرب على الإرهاب وتحت ظله انتشروا فى كل البلاد.. اكتفى نظام مبارك بإطلاق اسم المحظورة عليهم وكان متفقا معهم على كل شىء.. ينقلب عليهم فقط إذا فكروا فى الحكم.. وحتى حين ينقلب يقبض على عدد من قياداتهم وينتهى الأمر.. ويظل النظام يقوم بالتجريف فى التعليم والإهمال فى الصحة ونهب ثروات الشعب وإفقاره ويعرف أنه فى مثل هذه التربة تنمو أشجار الإخوان ومن تشاء من جماعات دينية إرهابية.. وحين قامت ثورة يناير ووصلوا إلى الحكم عادوا إلى ما كانوا يفعلونه فى السر وهو تدعيم الحركات الإرهابية المتطرفة حتى تكون ظهيرا لهم إذا حدث وأخرجهم الشعب يوما من الحكم.. وهذا طبيعى جدا يتسق مع تاريخهم فكيف ينسى هذا الدرس ؟ أظن أن ما نراه من الإخوان المسلمين الآن لا يختلف عما نراه من إرهاب ففى سنة مرسى أداروا المذابح والاغتيالات لشباب الثورة وهم الآن يفعلون ما يستطيعون لبث الرعب فى نفوس الناس بالقتل أو التفجيرات المتوالية.. ليس هناك، أبدا، ما يفصل جماعة الإخوان المسلمين عن أى جماعة إرهابية.. والدرس الذى جرى فى السبعينيات مع السادات ليس بعيدا ولا الذى جرى فى التسعينيات مع أمريكا نفسها.. أيها الناس لا أمل ولا حوار مع الإخوان المسلمين أو غيرهم.. ماذا تريدون أكثر من ذلك لتعرفوا وتتأكدوا من إرهابهم؟.. لو كانوا يؤمنون بالديمقراطية التى أتت بهم إلى الحكم كان مرسى قد ترك الحكم قبل حتى 30 يونيو.. أى حين رأى حركات الاحتجاج على سياسته ورجاله وأهله وعشيرته.. كان حتى قام بتغيير رئيس وزرائه الذى لا كان له فى الثور ولا فى الطحين كما يقال.. لكنه كان يعرف ما يفعل وهو الاستبداد وعدم العودة أبدا إلى أى نوع من الانتخابات، تماما كما فعلت حركة حماس فى غزة وكما فعلت طالبان فى أفغانستان وكما تفعل كل جماعة تستخدم الدين ستارا لأهدافها فهى ترى أنها الوحيدة التى على صواب وغيرها كافر، ومادام الأمر كذلك فحلال قتله واستباحة عرضه ودمه وماله.. المهم أن تأتيها الفرصة.. أيها السادة القائمون على شئون البلاد كفاكم حديثا عن أى حوار وطنى أو أى التقاء فى الطريق.. هذه الجماعة يريد لها الشعب الآن النهاية وسيفعلها هو.. طال الوقت أو قصر.. لكن هذا الشعب أيضا يحتاج أن تدركوا كم هو يعيش فى الحضيض.. كيف يمكن أن يكون لدينا مدارس لا يزيد الفصل فيها عن ثلاثين تلميذا وكيف يمكن أن تكون لدينا مستشفيات نظيفة مفتوحة فى كل وقت للفقير والغنى وكيف يمكن أن يعاد تخطيط العشوائيات لتكون بيوتا وشوارع آدمية، وكيف يمكن تعمير الصحراء بالشباب العاطل، وكيف يمكن تشجيع المشاريع الصغيرة؟.. هذا كله وأكثر ينتظره الشعب الذى يدفع ثمن اختياره الآن ولن يتهاون فيه.. وهذا هو الطريق الوحيد لسد الطريق على الإرهاب والتخلف.. ويا أيها الإعلام ومن يوجهه لا تحدثوا الناس عن ثورة يناير باعتبارها صنيعة إخوانية، فهذا ليس بصحيح والشعب لا يحتاج تشويه ثورته ليكره الإخوان.. الشعب يرى ما يفعلون ويرفع شعارا بدأ فى المنصورة وسيسرى كما تسرى النار فى الهشيم فى مصر كلها وهو شعار «الشعب يريد إعدام الإخوان» القضاء على الإخوان لا يكون بتشويه ثورة الشعب ولكن بالحقيقة وهى ما يراه الشعب من أفعالهم الضالة وما يراه من أفعال الحكم الصحيحة التى آن الأوان أن توجد وبشجاعة قد تغضب الذين لا يزالون يتمتعون بمآثر قوانين النظام المباركى فى الاقتصاد.. لم يشارك الإخوان فى الثورة إلا بعد أن سقط النظام فى 28 يناير، من فضلك وليس بعد ذلك، وبعد أن اطمأنوا على سلامتهم.. لم يصنعوا ثورة يناير أبدا ولم يصنع الثورة عملاء.. صنعها شعب كامل خرج من أجل الحرية والكرامة والعدل.. وشوارع مصر وميادينها يوم 28 يناير سنة 2011 لم تكن فوتوشوب من فضلك.. لا أنسى أبدا سائق التاكسى الذى قلت له أيامها إن الإخوان نزلوا الميدان بعد أن اطمأنوا لسقوط الشرطة ودولة مبارك مساء 28 يناير، فقال لى يا أستاذ أنتم المثقفون لا تعرفون الحقيقة.. لم يكن يكفيهم هذا لينزلوا إلى الميدان، لكن جاءتهم الإشارة من أمريكا وممن كان فى يده الأمر لايزال ويعمل وفقا لأجندة أمريكا.. وسواء كان صحيحا أم لا فقد وجد الإخوان فرصتهم سانحة بين طرفين.. طرف منهار وطرف برىء هو الثوار لم يفكروا حتى فى الحكم فسرق الإخوان الثورة.. على أن هذا ليس له معنى الآن.. لقد طفا الإخوان على السطح فظهرت كل الآثام الخفية التى تتجسد الآن فى الإرهاب.