ماذا يريد الطالب الإخوانى بالضبط؟ هل يظنّ أنه بإحراقه ورقة الإجابة ومنع زملائه من دخول الامتحانات، سيجبر الحكومة على تنفيذ مطالبه بالإفراج عن قيادات الجماعة وعودة محمد مرسى رئيسا لمصر؟
هل يعتقد الطالب الإخوانى أنه بإلقاء الطوب والحجارة على قوات الشرطة، سيصفّق له الشعب وينزل بالملايين ليناصره ويؤازره؟ أم يتخيل أن أفعاله الإجرامية ستنبّه القوى العالمية الكبرى، فتضغط على الدولة المصرية، لتلغى قرار الحكومة باعتبار الإخوان "جماعة إرهابية"؟ أم إن هذا الطالب الإخوانى، الذى يتحول إلى بلطجى بالتدريج، يتلقى من الأموال ما يغرى بإقدامه على اقتراف هذه الجرائم وتلك الحماقات؟
أُدرك تماما أن الطالب، أى طالب، يمتلك حساسية مفرطة عند تعامله مع شئون بلده، خاصة إذا كان هذا الطالب منشغلا ومهموما بقضايا السياسة، ومع ذلك لم يسجل لنا التاريخ الحديث أن أى حزب أو جماعة أمرت أعضاءها بتعطيل الامتحانات وإحراق أوراق الإجابة، سوى جماعة الإخوان بكل أسف.
أجل.. لقد كنا طلابا.. بعضنا ينتمى إلى الحزب الناصرى أو الوفد أو التجمع أو حزب العمل، وواجهنا بطش مبارك ونظامه الاستبدادى بالتظاهرات السلمية فى الثمانينيات، فقد خرجنا نندد بالفقر والاستبداد وتزوير انتخابات مجلس الشعب فى عام 1984، ثم انطلقنا فى تظاهرات حاشدة حين قتل سليمان خاطر غدرا فى 1985، وهو الجندى المصرى الذى لم يحتمل دخول الصهاينة حدود مصر، فحذّرهم، فلمّا لم يرتدعوا قتلهم لأنه كان يحمى حدودنا، وقد اعتقلت أجهزة الأمن منا مَن اعتقلت، وهددت بعضنا وروّعته، فكنا نلعنها فى الصباح، ونلعن مبارك فى المساء، لكننا أبدا لم نُلقِ الطوب على قوات الأمن، ولم نمنع زملاءنا من دخول الامتحانات، بل كنا نؤدى الامتحانات المفروضة فى مواعيدها المقررة، فلم نحرق ورقا، ولم نغلق لجان الامتحانات، كما فعلت طالبات جامعة الأزهر اليوم!
وقبل ثورة يوليو عام 1952، أُبعد حزب الوفد عن السلطة عنوة غير مرة بأوامر الملك وألاعيب الإنجليز، فلم يحطم أعضاؤه مؤسسات الدولة، ولم يحرق طلابه أوراق الإجابة، ولم يلقوا الطوب على قوات الشرطة، برغم أن حزب الوفد كان يتمتع بأغلبية حقيقية، وكان يعدّ رمزا للوطنية المصرية بامتياز!
إن أكثر ما يؤلم المرء أن يرى طالبا لم يتجاوز عمره 23 سنة، ويظن أن الصواب فى صالحه، وأن الباطل لا يأتيه، برغم أن عمره الصغير هذا لم يسمح له بالاطلاع والمعرفة، فعلى سبيل المثال ماذا يعرف الطالب الإخوانى، الذى يحرق ويدمر، عن تاريخ جماعته ودور الإنجليز فى نشأتها، وعن مصر وتاريخها، وعن الصراع الدولى، ودور الأمريكان فى دعم الإخوان، وكيف تمكنت قيادات الجماعة من تكوين ثروات طائلة؟ هل بالعمالة أم بالمؤامرة أم بالنصب والاحتيال؟ أم ماذا بالضبط؟ (خيرت الشاطر يملك 20 مليار دولار على سبيل المثال)، بل ماذا يعرف هذا الطالب عن أنه مجرد أداة تحركها قوى داخلية وخارجية من أجل أهداف مشبوهة، لن ينال منها هذا الطالب المسكين شيئا، وأنه ما من جماعة استطاعت أن تهزم شعبا وحكومة وجيشا وشرطة، وماذا يعرف عن سيكولوجيا الجماهير، وعن البُغض الذى يتراكم فى صدور الناس ضد جماعته، وماذا وماذا....؟
أيها الطالب الإخوانى.. مِن فضلك انزعْ عن نفسك رداء البلطجى، وعدْ طالبا كما كنت، وعارض كيفما تشاء.. بشكل سلمى، فقد يغفر لك المجتمع حينئذٍ الجرائم التى ارتكبتها فى حقه، ويقول الراشدون.. سامحوه.. فهو صغير.. لم يقرأ شيئا، وقد غررت به جماعة تعشق الغباء السياسى!