ثناء حكم مرسى فوجئ المصريون بمظاهرة تخرج عن حدود اللياقة نظمتها حركة 6 إبريل أمام منزل وزير الداخلية يرفعون فيها «الكولوتات»، ومظاهرة أخرى يحملون فيها البرسيم، وكان ذلك تعبيرا عن مراهقة ثورية واضحة، وإفلاس سياسى حقيقى يعبر عن حركة لا تعرف ماذا تريد بالضبط، ونوع من لفت الأنظار فى غير محله.
صب المصريون لعناتهم على هذا الأداء الهابط للحركة، وبدا ما تسميه بأنها تفكر «خارج الصندوق» هو فى الحقيقة تغريد خارج السرب الوطنى، وجهل كبير بالصندوق وأسراره مما يحولها إلى أضحوكة ومسخرة، وأكدت «الحركة» على حقيقة أن من لا يعرف كيف يطرح قضيته على شعبه يخسرها دون جهد حتى لو حملت أسمى المعانى، وأن المظاهرات تفشل ولا تحقق تراكما فى المسار الذى تستهدفه حتى لو استمرت كل يوم إن لم تجد حضانة شعبية حقيقية.
أقول ذلك بمناسبة دعوة «الحركة» إلى المشاركة فى دورات لكرة القدم يومى 14 و15 يناير القادمين بكل المحافظات، تحت شعار: «العب كورة وسيبك من مسرحية الدستور»، وهى دعوة سفيهة بامتياز، تعبر أيضا عن سفه ما تسميه الحركة بـ«التفكير خارج الصندوق»، فالدعوة هزل فى موضع الجد، وتقسيم للأدوار بينها وبين جماعة الإخوان الإرهابية، فالجماعة عليها إفساد الاستفتاء بالإرهاب والقتل، أما حركة 6 إبريل فدورها الحشد لـ«لعب الكورة».
وهنا تسقط أى أحاديث صادرة عن «الحركة» بأنها ضد الإخوان، وأنها لا تنسق معها ولا تلعب لعبتها، وفى هذا السياق يمكن إعادة تفسير كل مواقفها أثناء حكم مرسى بالدرجة التى تقود إلى أن لعبة توزيع الأدوار بينهما كانت هى السائدة، حتى لو أن «الحركة» كانت تهاجم مرسى وإخوانه، وهاهى تواصل دورها ليس بالدعوة الى لعبة كرة القدم يومى 14 و15 يناير، وإنما باللقاءات السرية التى تعقدها مع أطراف مناهضة لثورة 30 يونية، ومنها لقاءات مع الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح من أجل التنسيق معه للانتخابات الرئاسية المقبلة.
هددت «الحركة» بعد محاكمة مؤسسها أحمد ماهر بأنها ستسحب اعترافها بخريطة الطريق، ونسيت أنه فات أوان مثل هذه التهديدات، لأن الشعب المصرى هو الذى وضع هذه الخريطة، ويتحمل وينزف كل يوم من أجل إنجاحها، وظنت الحركة أنها القائد الطبيعى للتغيير، وأنها التى قلبت التربة، ونسيت أن طريق التغيير سار عليه شرفاء قبل أن تولد هذه الحركة، ولم يتربحوا مالا وجاها ونالهم من أجهزة مبارك نيلا عظيما.
ترى «6 أبريل» أن النضال الوطنى للمصريين بدأ من عندها، بعضهم قال بعد ثورة 25 يناير: «نحن صنعنا ثورة، ومكنش فيه ثورة حقيقية فى مصر قبل ذلك»، وعبر هذا الكلام عن استعلاء قبيح على حقائق يحفظها التاريخ المصرى عن ثورات خالدة صنعها المصريون، وموجات نضالية حقيقية تراكمت كطبقات الأرض، وفيها الكثير من قصص الفداء والتضحيات والشهداء، وليس فيها شبهات عن التمويل الخارجى، أو حسابات فى البنوك تنتفخ بها جيوب سماسرة النضال.
سيمر الاستفتاء على الدستور وسيشارك المصريون بكثافة، وسيقول المصريون لـ«6 إبريل» «العب غيرها يا شاطر».