ناصر عراق

مَنْ هو الثورى الحقيقى الآن؟

الجمعة، 06 ديسمبر 2013 08:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الخبر يقول: رفض تكتل القوى الثورية الدعوة التى وجهتها حركة 6 إبريل للتظاهر الجمعة 6 ديسمبر، احتجاجًا على قانون التظاهر الذى أصدرته حكومة الببلاوى، والسبب أن الحركة تسلل إليها أفراد من جماعة الإخوان (اليوم السابع 5/12).. انتهى الخبر.

والسؤال: من هو الثورى الحقيقى الآن؟ إن شئت الدقة.. من هو الثورى الحق الآن وطوال الوقت؟ أظن أننا لم نمر بحالة تشويش فكرى وسياسى مثل التى نكابدها حاليًا منذ أيام الخلاف الكبير بين سعد زغلول وعدلى يكن فى عشرينيات القرن الماضى حول منْ له الحق فى التفاوض مع الاحتلال الإنجليزى وكيف؟ والذى شطر الأمة آنذاك إلى نصفين.

تعال نحدد معًا من هو الثورى الحقيقى؟ فإذا اتفقنا نكمل كلامنا عن واجباته ودوره فى هذه اللحظات القلقة والمضطربة من حياتنا.

فى اعتقادى أن الثورى الحقيقى هو الذى يرفض الظلم والضيم والاستغلال، ويناصر العدل والحرية والعدالة الاجتماعية، هذا من حيث المبدأ العام، لكن ينبغى أن يتسلح الثورى بمنهج علمى يعينه على تحليل الواقع السياسى والاجتماعى، ويوضح له موازين القوى فى الشارع، وطبيعة المزاج النفسى للجماهير فى هذه اللحظة أو تلك، وهذه النقطة تحديدًا بالغة الأهمية، لأنك لو لم تدرك جيدًا الحالة العامة للجموع، فلن تستطيع إقناعهم بما تقول، وستفقد نفوذك الوجدانى على الملايين فلن ينصتوا لآرائك، ولن يستجيبوا لدعواتك، بل قد يسخروا من شعاراتك، حتى لو كانت صحيحة وثورية.

إذا كان هذا الكلام صائبًا وأظنه كذلك، فهيّا نشرّح واقعنا الحالى، لندرك هل الدعوة إلى التظاهر الآن أمر مناسب، أم أن الذين يطالبون بها خانهم التوفيق فى قراءة الواقع قراءة صحيحة من كافة الجوانب؟ أغلب الظن أن الذى يرفعون شعار التظاهر ضد قانون التظاهر – الذى نعترض على كثير من مواده بشدة – لا يدركون ثلاثة أمور فى غاية الأهمية:

الأول.. أن مصر كانت على شفا حفرة من الحكم الفاشى الدينى، وتلك مصيبة كبرى لو تعلمون (تذكر الوجوه الجهمة واللحى الطويلة التى كانت تطالعنا ليل نهار أيام مرسى)، ولولا خروج أكثر من ثلاثين مليون فى 30 يونيو و3 يوليو ما سقطت جماعة الإخوان، وما كنا استعدنا الدولة المصرية التى كادوا يخطفونها بسبب سذاجتنا السياسية.

أما الأمر الثانى الغائب عن الثوار، فيتمثل فى أن المصريين قد أنهكهم التعب بعد أن ظلوا ثلاث سنوات يتظاهرون ويهتفون ضد مبارك ومرسى وبينهما المجلس العسكرى وحكومات عصام شرف والجنزورى والببلاوى، الأمر الذى أصاب الملايين بما يسمى الإنهاك الثورى، لذا لا يجب أن يطمع الثوار كثيرًا فى قدرتهم على حشد الناس مرة أخرى ضد قانون عليه خلاف، ولا يرى فيه الشعب مشكلة كبيرة، بل يؤيده كثيرون من باب التخلص من مظاهرات الإخوان المزعجة والمقلقة والتى تكدر صفوهم.

يبقى الأمر الثالث والمتمثل فى أن كثيرًا من (الثوار) فقدوا البوصلة السياسية التى تساعدهم على قراءة الواقع قراءة صحيحة، هذه القراءة تقود إلى الآتي: إما أن تتحول مصر إلى دولة فاشية دينية تحكمها جماعة تتاجر بالإسلام، لأن الإخوان وأصدقاءهم منظمون ويملكون السلاح والمال، بينما الشعب لا يعرف التنظيم السياسى الناجح بكل أسف، فلا توجد أحزاب مدنية قوية فعالة، كما أنه لا يملك المال ولا السلاح، وإما أن تحكمنا مؤسسة عسكرية مشهود لها بالكفاءة والوطنية وانحيازها إلى الدولة المدنية، وأظن أنها تعى جيدًا التحولات المهولة التى جرت على المصريين منذ ثورة 25 يناير، فستعمل على الاستجابة لأشواق الناس فى تشييد دولة مدنية يتمتع أهلها بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

هذه هى الصورة باختصار شديد، مع ضرورة لفت الانتباه إلى أن مصر محرومة منذ ثلاث سنوات من وجود مجلس نيابى محترم ورئيس مقبول تولى منصبه بصورة طبيعية عن طريق الانتخابات الحرة، الأمر الذى يجعل الناس تتحمل الانتظار قليلاً حتى تتضح الأمور خاصة بعد أن انتهينا من كتاب دستور جديد عصرى وحديث.

أيها "الثوار" طالعوا الواقع جيدًا قبل أن تدعوا الناس إلى الخروج والتظاهر "عمال على بطال"، فلا يلبى الدعوة أحد، وتذكروا جيدًا أن السياسة هى فن الممكن كما قال أحدهم قديمًا، من فضلكم راجعوا أنفسكم ومارسوا فضيلة النقد الذاتى، حتى لا تهان كلمة "الثوار" وتصبح مفردة مبتذلة تستدعى اللعنات!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة