لا أعرف سببًا منطقيا يجعل الإخوان يستسهلون إلقاء الاتهامات جزافا على أى شخص أو دولة أو جماعة أو جبهة، بدلا من أن يواجهوا الاعتراضات السياسية والشعبية على حكمهم، سوى أنهم مازالوا يعيشون فى كهف رجعيتهم الأغبر، فبعد أن كان حمدين صباحى ثم محمد البرادعى هدفا أساسيا لسهام التشويه الإخوانية، دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة شريكا أساسيا فى اتهامات الإخوان التشويهية، فصارت الجماعة كلما شعرت بالخطر اتهمت الإمارات، مثلما كانت قريش تتهم قبيلة خزاعة.
ويبدو أن الجماعة لا تعلم أن الشعب المصرى أصبح أكثر وعيا وإدراكا وتمييزا بالشكل الذى يجعله يميز الخبيث من الطيب، ويعرف الكذب من الحقيقة، ويدرك الفارق بين ما هو مفبرك وما هو حقيقى، وهذا ما تؤكده شائعات الجماعة التى بدلا من أن تحتل مجالس النميمة وجلسات المصاطب أصبحت تحتل الآن جرائد الحكومة التى يمولها الشعب المصرى، ولتنظر إلى مانشيت إحدى الجرائد الحكومية مؤخرا لتعرف أن هذه الجرائد التى يتم تمويلها «من جيبك أنت» تستخدمها الجماعة فى الكذب على القارئ وترويج أجندتها وتمرير مخططاتها الخاصة دون أن تضع اعتبارات مصر مصالح القومية والوطنية وعلاقاتها التاريخية المتشعبة مع الدول العربية التى مدت يد الإخاء إلى مصر فى الرخاء والشدة دون أن يكون لها أطماع رخيصة أو أغراض مشبوهة أو أجندات خفية.
ما يدعم أن هذا الخبر «مفبرك» هو أن هذه الجريدة حكومية نشرته دون توقيع من محرره وهو ما يشير إلى أن كاتبه إما أن يكون رئيس التحرير نفسه أو على مسؤوليته، ووضعت مانشيتا عريضا له فى رأس الصفحة الأولى ثم وضعته أيضا فى رأس الصفحة الثالثة، ولم تكتف بذلك أيضا لكنها أبرزت الخبر على امتداد عرض الصفحة وإمعانا فى إبراز الخبر وتكبيره وتيسير قراءته للجميع تعمدت الصحيفة تصميم متن الخبر ببنط أكبر من بنط بقية الأخبار، فجاء بنط هذا الخبر «12» بينما كان بنط بقية الأخبار فى ذات الصفحة «9»، كل هذا لتقول إن دولة الإمارات تدير الأعمال التخريبية فى مصر، دون أن تأتى بدليل أو قرينة أو حتى إشارة على هذه الاتهامات، وكالعادة فى هذه الأخبار «المضروبة» جاءت التصريحات منسوبة إلى «مصدر» بوزارة الداخلية، فى تكرار مقيت لأخبار أمن الدولة فى أيام الحكم الغابر، ويذكرنا هذا الكذب الإعلامى الرخيص بما فبركه صبيان الجماعة أيضا منسوبا إلى المفكر الأمريكى الكبير نعوم تشومسكى حيث ادعوا أنه قال إن الإمارات تريد أن تسقط مرسى وإن المخابرات الإسرائيلية هى التى خططت لهذا الإسقاط، وتداول أنصار الجماعة هذا الخبر بلهفة وأخذوا يوزعونه وينشرونه فى كل مواقعهم وصفحاتهم على الفيس بوك ليأتى بعد ذلك نفى «تشومسكى» لهذا الخبر جملة وتفصيلا، مؤكدا أنه لم ينبس ببنت شفة فى هذا الخصوص، وأنه بعيد كل البعد عن هذه السيناريوهات.
لا تسأل هنا عن مصالح مصر الوطنية وسط مصالح الجماعة، فالجماعة التى تدعى أنها تسعى إلى جذب الاستثمارات الدولية إلى مصر تستعدى بلدا صديقا تمتد علاقاته الطيبة معنا إلى أقصى مدى، وتمتد استثماراتها أيضا إلى معظم ربوع مصر، ويشهد على هذا حجم استثماراتها التى تجاوزت الـ30 مليار جنيه، لكن الجماعة التى أدخلت البلد فى نفق مظلم اقتصاديا لا تضع هذا فى حسبانها، لأن مصلحة مكتب إرشادها أهم عندها من مصالح مصر، ولا يعنى هذا أنى أبرر مبدأ التفريط فى كرامة مصر والمصريين مقابل الاستثمارات، وأؤكد أن هذا المبدأ أرفضه تماما، بل إنى أرى أنه لا يجب علينا أن نتغاضى عن أى تدخل خارجى غير قانونى فى شأن من شؤوننا، لكن بشرط أن نبنى موقفنا على أدلة دامغة وليس على افتراءات مجهولة، وأن تكون معاركنا من أجل المصلحة الوطنية العليا وليس من أجل مصلحة مكتب الإرشاد الخاصة.