رغم الانتقادات الموجهة للرئيس مرسى ورغم أخطائه التى كانت سببا مع غيرها من أسباب، فيما وصل إليه الوضع فى مصر من انفلات وفوضى، إلا أن الكثيرين قد لا يتشككون فى صدق نواياه وإخلاصه ورغبته فى إصلاح أحوال مصر، ولكن للأسف ليس بالنوايا والإخلاص والرغبة تبنى الأوطان وتنصلح أحوالها خاصة إذا ضاعت هيبة الدولة وفقد الرئيس القدرة على تنفيذ القانون وتوفير الأمن والأمان للمواطنين وعجز عن الضرب بيد من حديد على أيدى المخربين ومثيرى الشغب وشعر قطاع كبير من الشعب أن رئيسه يعمل لصالح جماعة وليس لصالح وطن، فضلا عن عدم قدرته على تنفيذ أى من قراراته وتراجعه الدائم عن الكثير منها نتيجة لعدم دراستها قبل إصدارها.
فكلما عجزت الدولة عن حماية أرواح مواطنيها وحماية منشآتها ومؤسساتها كلما ضاعت هيبتها ومعها هيبة الرئيس ومكانته وتدهورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعمت الفوضى والفتنة حتى وإن سلمنا بدور أطراف أخرى فى إشعال هذه الفتنة أو الاستفادة منها سواء كانت أطراف خارجية أو قوى معارضة تسعى لتحقيق مصالح شخصية.
ومع ذلك يبقى الرئيس بحكم موقعه فى السلطة هو المسئول عن كل ما يحدث وعن وقف هذه الفوضى، وإذا عجز عن ذلك فعليه أن يترك موقعه بإرادته حتى وإن كانت معه الشرعية إذا كان يحب هذا الوطن ويخشى فتنة تقضى على الأخضر واليابس حتى لا يلق مصير مبارك أو يلحق به عار تاريخى بذكر اسمه كأول رئيس تشهد مصر فى عهده حربا أهلية يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد وتغرق فيها مصر فى بحور دماء لا يعلم مداها إلا الله.
ورغم اختلافنا مع الرئيس مرسى إلا أننا على يقين من أنه لا يرغب فى البقاء على كرسى الرئاسة طمعا فى مغنم أو سلطة أو جاه ولكنه فى ذات الوقت يعجز عن التصدى لمخطط الفوضى الذى يتحقق يوما بعد يوم ليطرح البعض سيناريو عودة الحكم العسكرى للتخلص من حكم الإخوان ومن حالة الفوضى التى تشهدها البلاد خاصة مع انقطاع سبل الحوار والتوافق الجاد بين الرئاسة والمعارضة، وهو الطرح الذى ينادى به البعض إما يأسا من أن ينصلح الحال مع وجود كل هذه التحديات أو طمعا فى أن تكون عودة الحكم العسكرى مرحلة يتم خلالها الإعداد لانتخابات رئاسية جديدة تجدد آمال الطامعين فى منصب الرئيس، أما السيناريو الأخطر فهو أن ينفلت الأمر وتتصاعد وتيرة العنف مع سعى البعض لإسقاط النظام بطرق أغلبها غير شرعى وغير سلمى كالاعتداء على المؤسسات ومحاولة اقتحام قصر الرئاسة وما يحدث من قتل وتخريب فى معظم المظاهرات فى مخطط رسمته بدقة قوى خارجية ومعها بعض أصحاب المصالح لإسقاط مصر فى مستنقع الفوضى، خاصة إذا تطور الأمر إلى اغتيال بعض رموز المعارضة أو حتى اغتيال الرئيس، وفى كل الأحوال سنجد أطرافا أخرى تشرعن العنف والقتل بزعم حماية الشرعية فيتحول الوطن إلى ساحة معركة الكل فيها خاسر.
ومع كل هذا نرى أن الحل لن يأتى إلا بيد الرئيس وبقرار جرئ منه قد يحول دون الانزلاق إلى هذا المستنقع، بأن يقرر بإرادته وحرصا منه على وحدة هذا الوطن وحقنا لدماء أبناءه ودحضا لمخطط الفتنة أن يتم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أشهر من الآن ليقطع الطريق أمام استمرار أعمال الفوضى والدعوات لعودة الحكم العسكرى أو اشتعال الحرب بين من يزعمون حماية الشرعية ومن يسعون لإسقاط النظام، وهنا سيكون الاختبار الحقيقى للجميع ليعرف كل طرف حجمه الحقيقى، ويكف محترفو الكلام عن النضال أمام الكاميرات لنرى أفعالا على أرض الواقع، وليختار الشعب من يريد ويكون حكما بين الجميع، وهنا يصبح على الرئيس الجديد حتى وإن كان مرسى ذاته أن يستفيد من أخطاء مرسى فلا يقول ما لا يفعل، ولا يقرر دون أن يدرس ويستشير، ويطبق القانون على الجميع ويحافظ على هيبة الدولة وهيبة الرئيس وقبلهما هيبة المواطن.