عبد الرحمن يوسف

أطفال وشيوخ وبينهما شباب

الإثنين، 18 فبراير 2013 06:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قامت ثورة يناير على أكتاف الشباب، وانضم لها الشعب بكباره وصغاره.
اندلعت هذه الثورة بفضل «مواليد عصر مبارك»، فقد كان لهم الدور الأكبر فى هذا العمل المجيد، ولكن المشكلة أن مواليد هذا العصر –لا أعاده الله– لم يعتن بهم أحد، ولم يتواصل معهم أحد، ولم يحاول السياسيون «الكبار» أن يعلموهم ممارسة السياسة، بل تجاهلهم الجميع (إلا من رحم ربى وقليل ما هم)، حتى أصبح هؤلاء «الأطفال» يشعرون أنهم لم يحققوا شيئا من مطالب الأمة التى قامت الثورة من أجلها.

هؤلاء مخلصون، ويحبون هذا البلد، وهم طاقة ينبغى توظيفها لصالح الوطن، ومن أهم خيبات أهل الحكم اليوم أنهم لا يملكون مشروعا لتوظيف هذه الطاقات، ولا يملكون الحد الأدنى من التواصل مع هؤلاء الأطفال الكبار، أو الرجال الصغار.

فى مثل هذه السن (من 15 – 25) يكون الاندفاع والجموح، ويرى المرء الحياة بلونين إما أبيض، وإما أسود، وقلة الخبرة بالحياة تشوش الرؤية، ولكن فى هذه السن أيضا يكون المرء أكثر صدقا مع نفسه ومع الآخرين، ويكون قادرا ومستعدا للتضحية فى سبيل ما يؤمن به بروحه لو اقتضى الأمر.

ما حدث فى مصر أن هؤلاء الشباب آمنوا بالثورة، ومارسوها عملا سلميا عظيما، ولكن بسبب العنف المفرط من النظام، وبسبب الإحباطات المتوالية، وبسبب تجاهل دورهم وإخراجهم من المعادلة السياسية، بدأ بعضهم بالتفكير فى العنف، وبممارسته، وهذا خطأ، بل هذه مصيبة من الممكن أن تحرق مصر كلها، وأن تضيع كل مكتسبات ثورة يناير، ولكن ما حدث أن هناك سياسيين عجائز لا يملكون شجاعة أن يقفوا أمام هؤلاء ليقولوا لهم: «لا للعنف».

إنهم عجائز فى التفكير، وفى العزيمة، وفى القدرة على الخيال، وفى إمكانياتهم التنظيمية، ولا هم لأحدهم إلا مجده الشخصى، وبالتالى يتم ابتزازهم من مجموعات من المراهقين الذين لا يدركون أبعاد ما يفعلونه.

فى خضم هذه الحالة السيريالية يقف ملايين من شباب مصر العقلاء خارج هذه الحالة السياسية المبتذلة، وهؤلاء هم الأمل الحقيقى للبلد.

هؤلاء الذين قاوموا هراوة الأمن، ورفضوا تعلم كيف يصنع المولوتوف، وانخرطوا فى عمل جاد منظم يؤدى إلى تراكم حقيقى على المدى القصير والمتوسط والبعيد، أقول إن هؤلاء هم أمل مصر، وهم من سيفتح لها طاقة نور بإذن الله.

إن مصر اليوم تتحرك بمجموعة من العجائز، يبتزهم مجموعة من الأطفال، والأمل فى الشباب الذين يقفون فى المنتصف، هؤلاء الذين يحاولون التصرف بحكمة، دون الانسياق خلف اندفاع المراهقين، ودون أن ينجروا خلف سعى العجائز لمجد شخصى.
ملحوظة: هذه المقالة عابرة للأيدلوجيات!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة