هو مجرد بلاغ للنائب العام من ضمن مئات البلاغات التى يتم تقديمها يوميا، لكن لو ثبت مافى البلاغ من اتهامات تشكل جريمة كاملة الأوصاف، متعددة الأبعاد، تخص الدولة والقانون والقضاء والعدالة والواسطة والمحسوبية. وتتعلق بأهم مبادىء المواطنة والعدالة وهو تكافؤ الفرص.
البلاغ تقدم به أحمد يحيى أحمد، المنسق العام لائتلاف خريجى الحقوق والشريعة والقانون، ضد كل من وزير العدل، و رئيس مجلس الدولة، ويقول إن 150 من خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة دفعة 2011 تم تعيينهم بمجلس الدولة، 50% منهم من أبناء المستشارين، و%25 من خريجى الشرطة، و % 25 من أبناء قيادات الإخوان. بينما تم استبعاد الأوائل و الحاصلين على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وأن من بين المعينين قريب أو ابن المستشار محمود مكى والذى تم تعيينه بتقدير جيد. وقال أحمد بكر حرب، المعيد بقسم القانون الجنائى بجامعة المنصورة، إنه فوجئ باستبعاده من التعيين بمجلس الدولة دفعة 2011، رغم حصوله على الترتيب الثانى على دفعته، ومعه أكثر من 30 حصلوا على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف. المستبعدون قالوا إنهم قابلوا مساعد وزير العدل، و مدير مكتب ديوان رئاسة الجمهورية، وطالبوا بعدم تصديق الرئيس على الدفعة قبل إجراء تحقيق.
ونفى المستشار غبريال جاد عبدالملاك، رئيس مجلس الدولة، استبعاد أوائل خريجى كليات الحقوق من التعيينات، وقال إنه لم يتم تخطى الأوائل سوى المتورطين فى تهم جنائية. وإن المجلس لم ينته من تحديد أسماء المعينين، ووعد بالتحقيق فى البلاغ والشكاوى.
لقد قضينا سنوات طويلة فى عهد مبارك كانت المناصب فيها يتوارثها الأبناء من الآباء، لافرق بين قاضى استقلال وقاض غيره، وهو أمر كان أحد عناصر القضاء على النظام وتفشى الفساد وغياب العدالة، ولو نظرنا سنجد القضاء عبارة عن عائلات كاملة، ولم يكن التعيين بسبب التفوق والمواهب، لكنه كان اغتصابا لحقوق الفقراء وفاقدى الواسطة. وقد شاع هذا الفساد فى مواقع ومناصب كثيرة، جعلت المناصب فى الخارجية والبنوك والجامعات وكل المواقع الحساسة بالواسطة، وتم حرمان الشعب منها. فهل يمكن ونحن نتحدث عن الثورة والتغيير أن يبقى التوريث قائما.
الأمر فى حاجة إلى بيانات توضح بشكل كامل حقيقة ماتم فى هذا البلاغ، خاصة وانه من الصعب توقع أن يجرى النائب العام تحقيقا، وربما يجب أن يتم إسناد التحقيق لقضاء محايد. ويفضل أن يكون قاضى التحقيق ليس من الوارثين. وعلى السيد وزير العدل المستشار أحمد مكى أن يصدر بيانا يوضح فيه صحة الاتهامات بتعيين ابن شقيقه النائب السابق للرئيس والسفير الحالى.
الأمر فى حاجة لبيانات واضحة تنفى هذه الاتهامات الشنيعة بالأدلة، وإلا كنا أمام نظام يسير على خطى النظام السابق. ونحن بعد لم ننته من قصة تعيين ابن الرئيس. وإلا فليقولوا لنا إن شيئا لم يتغير.. وكأنك يا أبو زيد لا «ثرت»، ولاجيت.