لم أكن أتخيل أننى سأعيش فى هذه الدنيا بدون أمى فلقد كان دعاءى دائما أن يجعل الله يومى قبل يومها حتى لا أرى أو أعيش لحظة بدونها ولكنها إرادة الله عز وجل فإنا لله وإنا إليه راجعون؛ لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين.
يوم تموت الأم ينادى مناد من السماء يا بن أدم ماتت من كنا نكرمك من أجلها فأعمل عملا صالحا نكرمك من أجله، هكذا جاء اليوم الذى نادت على فيه الملائكة، وبالرغم مما أصابنى، ويصيبنى من هم وحزن شديدين إلا أن قول لا إله إلا الله، وتذكرى أنه ليست هناك مصيبة أكبر من مصيبة موت النبى صلى الله عليه وسلم، يهدأن من نفسى.
ماتت أمى بعد عناء شديد مع المرض وهو الوباء الذى يقضى على المصريين بالملايين، وهو الكبد مدة المرض استمرت ما يقرب من أربعين يوما حتى جاء أجلها فيقول تعالى: "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"، أسال الله رب العرش الكريم أن يكون مرضها وما ألم بها من الآلام شديدة شفيعا لها، وأن يشفع فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأن يسقيها شربة هنيئة لا تظمأ بعدها أبدا.
أمى أراها وكما يرى كل إنسان أمه أفضل أم فى الوجود فهى التى ربتنى فكانت لنا الأم والأب والأخ والصديق والمعلم والملهم وكل شىء، ولكن أمى بالنسبة لى هى أجمل نساء الدنيا فأنا الأصغر فى أخواتى الأربعة، فشربت من حنانها أكثر مما شرب أخوتى بحكم أننى آخر العنقود، والذى لم يتزوج بعد، فكانت أمنيتها فى الحياة أن ترانى متزوجا ولكنها مشيئة الرب الإله الواحد.
لا أستطيع أن أنسى كم كانت تنتظرنى عندما أعود من عملى فى وقت متأخر من الليل فى شرفة المنزل، ولا تنام إلا بعد أن ترانى وتطمئن على، بالإضافة إلى مهاتفتى دوما أثناء عملى تستفسر عن أحوالى، كنت لما أحتاج أن أمد يدى لها فتعطينى عندما أريد حضنا ارتمى فيه، كان حضنها يسعنى ويحتوينى.. أمى الحياة بدونك ليست حياة.
تراودنى أفكار بأن أمى ماتت بسبب الإهمال الطبى وما تعانيه مستشفياتنا من سوء أوضاع، بالإضافة إلى جيل جديد من الأطباء لا يعرفون عن الطب شيئا، ولكن هذا قدرها وموعدها، ولكن لابد أن أذكر ما مرت به أمى من إهمال طبى جسيم بدأت أمى تشعر بالمرض تحديدا فى يوم 14 يناير الماضى، واكتشفنا أنه عرق النسا ومن الإهمال الطبى أن الطبيب أعطاها أدوية ومسكنات لها تأثير بالغ وخطير على الكبد، حيث تبلغ أمى من العمر 60 عاما.
تلك الأدوية أدت إلى إصابة الكبد بطريقة جعلته متليفا ووصلت درجة التليف لفوق المتوسط، فذهبنا بها إلى التأمين بمدينة نصر ثم إلى مستشفى خاصة لأمراض الكبد بشارع مكرم عبيد، جلست بها ما يقرب من 17 يوما دفعنا فيها 25 ألف جنيه، ولم تتحسن الحالة وبالرغم من تلك الأموال إلا أن المستشفى بها إهمال جسيم فى عدم متابعة الحالة من قبل الاستشاريين وأعطوا الحالة وكل الحالات إلى طبيب مناوب بالرغم من أن فاتورة المستشفى بها جزء مخصص لمرور الاستشارى.
لكى لا أطيل عليكم ولا أتعرض لتفاصيل أكثر جاء فى اليوم الأخير بالمستشفى الخاص استشارى ونظر إلى الحالة، وقال أنها تحتاج إلى رعاية مركزة فورا فقلنا ننقلها بالرعاية الخاصة بالمستشفى فقال أنها مليئة، ويفضل نقلها فورا إلى مستشفى بها رعاية مركزة.
وظننت أن مهنتى الصحفية ستجعلنى أرفع سماعة التليفون لأتصل بمديرى المستشفيات لأطلب توفير سرير رعاية مركزة فأجد طلبى لكننى وجد أن الأمر صعبا، فمصر ليس بها أسرة رعاية مركزة تكفى وبعد محاولات، وجدنا أخير فى مستشفى الزهراء الجامعى التابعة لجامعة الأزهر ولكن سرير فى رعاية التخدير وليس فى رعاية الأمراض المتوطنة.
تلك المستشفى التى هى اسم فقط، فالداخل بها مفقود لعدة عوامل أهمها العامل البشرى، وهم الأطباء الذين هم طبيبات حديثات من جامعة الأزهر، وظلت أمى بالرعاية المركزة لمدة خمسة أيام رأينا فيها قمة الإهمال البشرى من طبيبات منهن من لا يعرفن عن الطب شيئا، ونقص فى الإمكانيات فكنت أشترى لها أبسط الأدوية من خارج المستشفى، لأنه لم يتوافر بها وكل يوم حالة واثنان ينتقلا للرفيق الأعلى، لم أعترض أن هذا عمرهم ولكن المعلوم عن الرعاية المركزة أنها تكون معقمة ولا يدخلها أحد إلا بعد أن يرتدى ملابس معقمة، وغيرها وهذا لم يكن متوافرا بالمرة ولا تعرف الطبيبات أصلا أنه لا بد من التعقيم فأبسط الأمور غير معلومة بالنسبة لهن فكيف برعاية المرضى، فرسالة إلى شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، والدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر، أنظروا إلى مستشفيات الأزهر فإنها تخدم قطاع كبير من المصريين ولكنها ترسلهم إلى مثواهم الأخير، أخشى على شيخ الأزهر أن يحاسب يوم القيامة على هذا الإهمال المتفشى فى تلك المستشفيات.
وفى النهاية أمى رحمك الله وصبرنى على فراقك فإنا لفراقك لمحزونون، وإنى لأدعو لها فأمنوا.. اللهم أغفر لها وارحمها وأعفو عنها وأكرمها، اللهم وسع مدخلها وادخلها الجنة وغسلها بالثلج والماء والبرد، اللهم يمن كتابها وهون حسابها ولين ترابها وثبت أقدامها وألهمها حسن الجواب، اللهم طيب ثراها وأكرم مثواها واجعل الجنة مستقرها ومأواها، اللهم نور مرقدها وعطر مشهدها وطيب مضجعها، اللهم آنس وحشتها وارحم غربتها وقها عذاب القبر وعذاب النار، اللهم نقها من خطاياها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم فسح لها فى قبرها واجعله روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار، اللهم انقلها من ضيق اللحود والقبور إلى سعة الدور والقصور مع الذين أنعمت عليهم من الصديقين والصالحين والشهداء، اللهم اجعل لها من فوقها ومن تحتها ومن أمامها ومن خلفها وعن يمينها وعن يسارها نورا من نورك يا نور السماوات والأرض.. أمين يا رب العالمين.
عدد الردود 0
بواسطة:
مشهور إبراهيم
البقاء لله أستاذ لؤى
عدد الردود 0
بواسطة:
ام محمد
امين يارب
عدد الردود 0
بواسطة:
د.ابراهيم المنشاوى
عظم الله اجركم وأسكن فقيدكم فسيح جناته
عدد الردود 0
بواسطة:
د سهير
وانا ايضا
عدد الردود 0
بواسطة:
محب
ربنا يرحمها
ربنا يرحمها ويغفر لها
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو أحميد
البقاء لله
عدد الردود 0
بواسطة:
سعد الدين
البقاء لله
اللهم امين
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد يسرى
ربنا يرحمها
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله
آمين
وموتنا وموتى جميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين
عدد الردود 0
بواسطة:
امة الله
الدوام لله وحده