أن يصدر الرئيس محمد مرسى قرارًا، قرب منتصف الليل، يقضى بإجراء انتخابات مجلس الشعب فى 27 إبريل المقبل، يؤكد أن النظام الذى يحكم مصر الآن يتسم ببلادة سياسية لا سبيل إلى الشفاء منها. لماذا؟
لأن أول آيات البلادة تتمثل فى عدم الإحساس بما يجرى فى البلد، فالعصيان المدنى ينطلق من بورسعيد ويمتد نحو محافظات السويس والإسماعلية والإسكندرية. والمأزق الاقتصادى يتعاظم، وعلامات التذمر تزدهر فى الجيش ضد ألاعيب الرئاسة والأخونة، والفقراء يكابدون الأمرين وهم بعشرات الملايين، والإحباط العام ينمو ويزدهر، فقد خطفت التيارات الإسلامية ثورة الشعب، وخنقت أحلامه فى تشييد مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً وجمالاً. أما الاحتقان السياسى فقد بلغ أشده، فجبهة الإنقاذ تصر على مطالبها بإسقاط الدستور، وتشكيل حكومة محايدة تشرف على الانتخابات، وإقالة النائب العام، مع ضرورة وجود رقابة محلية ودولية على هذه الانتخابات، فى حين أن الشباب الغاضب يرفع مطالب أكثر ثورية تدعو إلى إسقاط النظام برمته.
أدرك جيدًا أن جبهة الإنقاذ مآلها إلى تفتيت وتشتت فى القريب العاجل نظرًا لأنها لم تؤسس على مصالح طبقية محددة تسعى إلى تحقيق أهداف سياسية واضحة، بمعنى أنها جمعت تيارات وأحزاب متعارضة، ففيها من يعبر عن الأثرياء ورجال الأعمال الذين سيدخلون فى صفقات مع النظام لا ريب (الوفد على سبيل المثال)، وفيها من يعبر عن مصالح الطبقة الوسطى بتنويعاتها، وفيها من يعبر عن الفقراء من عمال وفلاحين وشباب عاطل وسياسيين شرفاء. وبالتالى لا تملك هذه الجبهة مقومات توحدها فى مواجهة إغراءات النظام وبطشه وسلطاته وجبروته وعناده.. وأخيرًا بلادته. الأمر الذى يرشحها للانهيار بسهولة حين يقترب موعد الانتخابات، وتتلمظ أحزاب الأثرياء على مقاعد مجلس الشعب!
فى حال بائسة كهذه، لماذا أصر الرئيس مرسى على إجراء الانتخابات فى أبريل؟ الأمر واضح وبسيط، ذلك أن التيارات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين التى تمتلك السلطة حاليًا ترغب فى سرعة السطو على بقية مفاصل الدولة وأجهزتها الكبرى، ومجلس الشعب أحد أهم هذه الأجهزة، فهو يمثل السلطة التشريعية، وبالتالى حين تضع الجماعة يدها على هذا المجلس تستطيع أن تصدر من القوانين ما يحلو لها، وتمرره بكل سهولة وتنقض نهائيًا على مفهوم الدولة المدنية الحديثة.
لا تقل لى من فضلك لماذا لا يتم الاحتكام إلى الصندوق، ليتنافس فى الانتخابات من يرغب فى نيل ثقة الناس، ذلك أنك تعلم وأنا أعلم، أن السلطة الآن فى يد الإخوان، وأنهم يجيدون لعبة الانتخابات من خلال رشاويهم الساذجة للفقراء والغلابة فى الصعيد المحرومين من العلم والمال والمعرفة، كما تعلم حضرتك انحياز جهاز الشرطة التام للسلطة السياسية (لقد نشرت صحيفة المصرى اليوم اليوم الجمعة 22/2/2013 تقارير تفيد بقيام النظام بشراء 140 ألف قنبلة غاز مسيل للدموع) ولا يغيب عن فطنتك كيف وأين ستستخدمها الشرطة!
إذن إصرار الرئيس على إجراء الانتخابات دون الالتفات إلى غضب الناس وتحقيق بعض مطالبهم يؤكد سوء النية فى أن جماعات الإسلام السياسى قررت خطف الدولة وسرقتها وبأقصى سرعة، ولا يشغلنك مسألة الخلافات بين حزب النور والأحزاب السلفية والإخوان، ذلك أن قادة كل التيارات التى ترفع راية الدين متحالفة ومتكاتفة ضد عشرات الملايين من هذا الشعب المسكين الذى ينخدع فيهم كل لحظة تمر وهم يتلذذون بنعيم السلطة!
أفهمت الآن.. لماذا يصر الرئيس مرسى على إصدار قراراته فى الليل؟
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
مثال للسطو والسرقه بالإكراه
عدد الردود 0
بواسطة:
زياد عبد الرحمن
السطو على ارادة الشعب