صدر قرار المحكمة الدستورية تطبيقا للرقابة السابقة التى نص عليها الدستور وفقا لنص المادة 177 فيما يخص قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، وفى الحقيقة أغلب المواد التى قررت المحكمة عدم دستوريتها جاءت كما توقع الكثيرون من القوى السياسية والحقوقية التى انتهت فيها إلى عدم دستورية خمس مواد هى المواد الثانية الخاصة بالفلاح والعامل والفقرتان الأولى والرابعة من المادة الثالثة بشأن تغيير الصفة التى يترتب عليها سقوط العضوية والفقرة الرابعة الخاصة بعدالة تمثيل الدوائر الانتخابية سكانيا وجغرافيا والبند 5 من المادة السابعة بشأن العزل السياسى وتفسير المحكمة وقصره على عضوية مجلسين معا عامى 2005 و2010، والمادة ثلاثة مكرر الخاصة بالمصريين فى الخارج ومنح البعثة الدبلوماسية صلاحيات القاضى فى الإشراف على التصويت وبدستورية الفقرة السادسة المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع والبندين (5-1) من المادة الخامسة والفقرة الأولى من المادة التاسعة مكرر «ب» والمادة 18 مكرر المضافة بالمادة الثالثة من المشروع والفقرة الثانية من المادة 36 من القانون ذاته مستبدلين بالمادة السادسة من المشروع تتفق وأحكام الدستور وفقا للتفسير الذى حددته المحكمة.
وقد أحسنت المحكمة أنها انتهت إلى حسم عدم دستورية مواد مثل المادة الخاصة بتقسيم الدوائر الانتخابية، حيث أشار الحكم إلى الخلل فى تقسيم الدوائر الذى أدى إلى إجحاف بعض المحافظات بتمثيلها بعدد أقل من المقاعد من محافظات أخرى يمكن تسميتها بالمحظوظة، وهو يناقض نصا صريحا فى الدستور هو المادة 113، والمادة الخاصة بتغيير الصفة الحزبية بل ووضع ضوابط على القوائم لتحديد الصفة الحزبية والمستقلين، مادام القانون سمح بالانتخاب للحزبيين والمستقلين على الفردى والقوائم، كما يسهل هذا معرفة الحزب صاحب الأكثرية أو الأغلبية فى البرلمان ويحق له تشكيل الحكومة أو ائتلاف حاكم.
لكن أختلف مع تفسير الحكم فى فقرتين الأولى تتعلق بتمثيل المرأة فى البرلمان والنص على وضعها فى القائمة، وأنا هنا أستند إلى المادة 113 الخاصة بعدالة التمثيل السكانى فهى لا تشير فقط إلى عدد الأصوات لكل مقعد فقط، لكن أيضا ضمانة تمثيل الفئات الاجتماعية فى البرلمان فإذا كانت الإحصائيات تؤكد أن نسبة النساء فى المجتمع تبلغ %49 فإذا وضعت ضوابط تضمن تمثيلا عادلا حتى لو لم يكن بذات النسبة فأعتقد أن هذا يأتى متفقا مع أحكام الدستور المصرى ونص المادة 113.
الثانية تتعلق بالبند «5» من المادة الخامسة من القانون التى تشترط فيمن يترشح لعضوية البرلمان أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها أو استثنى منها طبقا للقانون لكن المحكمة انتهت إلى التوصية بالنص فقط على أن يكون النص لمن أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها على سند من القول إن المادة 6 من قانون الخدمة العسكرية المادة 1 على أن يستثنى من تطبيق حكم المادة 1 -أداء الخدمة العسكرية- الفئات التى يصدر بقواعد وشروط استثنائها قرار من وزير الدفاع طبقا لمقتضيات المصلحة العامة أو أمن الدولة، واعتبرت المحكمة أن من استثنى بقرار وزير الدفاع من الخدمة العسكرية يحرم من مباشرة الحقوق السياسية وأخصها حق الترشيح وهذا عقاب بدون ارتكاب جريمة وعزل سياسى لآلاف المصريين من مختلف القوى السياسية، فالبعض يعتقد أن هذا النص يخص الإسلاميين وبالتحديد الجهاديين لكن كان يمنع من دخول الجيش شيوعيون أو ناصريون أو إخوان أو سلفيون أو جماعة إسلامية بمجرد أن تقارير مباحث أمن الدولة تسجل أن له نشاطا مع المعارضة، فهل يمكن الاستناد إلى هذه التقارير لحرمان المصريين من المشاركة فى إدارة الشأن العام، أختلف فى الحقيقة مع التفسير الذى ذهبت إليه المحكمة الدستورية من وجوب امتداد الحرمان من أداء الخدمة العسكرية لأسباب هى مؤقتة فى حد ذاتها، كأن يكون للشاب نشاط سياسى مع حركة معارضة أو اعتقل سياسيا لاسيما أن قانون الطوارئ أسىء استخدامه باعتراف الجميع، وبالتالى أعتقد أن النص كما أرسله مجلس الشورى كان صحيحا بأن يضيف إلى من أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها من تم استثناؤه بقرار من السيد وزير الدفاع.