محمد الدسوقى رشدى

عن النخبة التى أجرت عملية تجميل

الأربعاء، 27 فبراير 2013 11:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أجمل ما فى مصر–لا مؤاخذة- مؤخرتها!، وعلى الرغم من أنها قد تبدو لك أكثر ترهلا وعشوائية فى التكوين، إلا أنها تحمل بعضا من ملامح الجمال التى يجعلها تتفوق كثيرا على شفايف الوطن المنتفخة من الثقافة، وأنف الوطن التى لا تستنشق سوى الروائح الكريهة، الصادرة عن القيادات الحزبية والسياسية، وعيون الوطن الشابة التى حرمت نفسها من رؤية المستقبل بالألوان حينما ارتضت السقوط فى أسر العجائز، والتسليم بوضع مفاتيح القيادة فى يد هؤلاء الذين عبروا إلى عصر مابعد الثورة، وفوق أكتافهم، كل ذنوب وخطايا وملوثات عهد مبارك.

القاعدة الشعبية فى مصر التى يهوى قيادات المعارضة وأهل السلطة تحميلها مسؤولية فشل خطط التنمية ومشروعات النهضة، تبدو مترهلة وعشوائية، وعين أى محايد يقف «بلبانة» على الناصية، تستطيع أن تؤكد ذلك، ولكن يبقى الفارق الوحيد بين النخبة وأهل العشوائيات وفقراء هذا الوطن، أن الذين يسكنون مؤخرة الهرم الاجتماعى فى مصر، مازالوا على وعدهم الصادق بحبها، ونيتهم المخلصة فى تقديم أكتافهم كدعائم لنهضتها، رغم كل الدراسات والأبحاث العلمية، وما تقوله عن وضعهم فى جداول التخلف والجهل والفقر واللامبالاة، بينما أهل النخبة على عهدهم ووعدهم بتحقيق أقصى مكاسب خاصة، حتى ولو كانت على حساب جثة الوطن نفسه. المشكلة الحقيقية فى النخبة التى تتصدر جسد هذا الوطن، وتتغير وتتشكل حسب نوعية النظام الجديد وطبيعة مايحتاجه من خدمات، أنها تمد جسد الوطن وشبابه بالكثير من الأمراض السرطانية، الواردة عبر عمليات التجميل المزيفة التى تحملت السلطة نفقات إجرائها، لتمنحها شفايف جديدة منتخفة بثقافة «السليكون»، لا يمكن أن يصدر عنها كلمات الحق فى وجه السلطان الجائر.

مشكلة هذا الوطن التى لم تتضمنها دراسات الحكومة ولا مثقفيها، هى تلك النخبة التى تعيش تحت إبط النظام، متشبثة بشعيراته، ومتخدرة برائحة إفرازاته العرقية، دون أن تقوم بدورها فى عملية التذكير، فأصبح النسيان هو الماركة المسجلة لهذا العصر. شوف ياعم المواطن.. حضرتك شايف إن النسيان نعمة، وكلامك جميل منقدرش نقول حاجة عنه، لكن إن كنت تعتقد أنه نعمة عليك، فلا مؤاخذة يبقى خليك فى حالك.

حتى نعمة النسيان مثلها مثل كل شىء فى البلد، يحصل عليها النظام الذى يحكمنا كاملة، فنحن نخضع ونصمت ونرضى بما هو قائم الآن، لأننا ننسى ما يفعله النظام وما يفشل فيه، وإذا كان الأمر غير ذلك.. فهيا أخبرنى هل تتذكر عدد الشهداء الذين سقطوا من أجل الدفاع عن حريتك.

هل تتذكر أيا من هذه الأشياء التى يكفى مجرد تدوينها فى ورقة، لأن يكون سببا لزوال نظام كامل، أو على الأقل محاسبة المسؤولين فيه؟.. بالطبع أهل النخبة الجديدة يروجون لنا ثقافة جديدة، ثقافة «إديله فرصة»، وأسلوب عيش اليوم بيومه، دون أن ندرى أننا نمد فى عمر من يظلمون ومن يسرقون، لأننا لا نحاسبهم، بل لا نتذكر أن من ضمن حقوقنا، أن نتقدم لكى نحاسبهم أصلا.. لا حساب بالجملة ولا حتى قطاعى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة