إلى غلاظ القلب الذين يرون أن الحجر أهم من الإنسان، إلى الذين غادرت الرحمة قلوبهم وهم يتحدثون عن أن المتظاهرين بلطجية، إلى الذين ذرفوا الدموع ألما من قذف كرات اللهب على قصر الاتحادية، بقى القصر ورئيسه، بينما نحمل نعشا وراء نعش لشهداء، قالوا «لا» فى وجه من قالوا «نعم»، فطوبى لهم، والخزى والعار لجلاديهم.
كفوا يا «هؤلاء» عن اسطواناتكم المشروخة، وحكموا ضمائركم، كفوا عن هذا الاستخفاف بالدماء، انظروا يا «هؤلاء» إلى مرآتكم إن كنتم تنظرون إليها، حتى تعرفوا أن زيف وجوهكم وقسوة لغتكم لن تبنى وطنا، ولن تسقط معها كلمة حق ضدكم.
بكيتم يا «هؤلاء» وبكينا نحن، يوم أن تحدث بقلب الأب القيادى الإخوانى أكرم الشاعر تحت قبة مجلس الشعب عن ابنه الذى سكنت جسده الشظايا أثناء الثورة ضد مبارك، وشارك الكل دعوة الأب أن يعود ابنه سالما من رحلة علاجه فى ألمانيا، بكيتم وبكينا يومها، فماذا حدث لكم حتى تتحجر قلوبكم، ولا تذرفون دمعة واحدة وأنتم تستمعون إلى أم محمد الجندى وهى تبكى ولدها الشهيد قائلة: «أنا شامّة ريحة الجنة فى دم ابنى» و «ليه أولادنا إحنا اللى بيموتوا.. وأولادهم مش بيحصل لهم حاجة» و«هى دى الثورة.. أنا أم»، أم محمد سألت من خطفوا ابنها يوم 28 يناير وعذبوه تعذيبا وحشيا: «أنتم بتعرفوا تناموا».
يا «هؤلاء»، عن أى شرع تتحدثون، وبأى لغة تتكلمون، وعلى أى أرض تقفون؟، كيف تستقبلون دعوات أم محمد الجندى وأقرانها من أمهات كل الشهداء؟، ألا تفكرون لحظة واحدة فى أن الذين سقطوا بتعذيبكم وأجهزتكم، ليس بينهم بلطجى واحد، ثم تتحدثون عن أن المتظاهرين بلطجية؟.
محمد الجندى عمره 28 عاما، كان طالبا مثاليا فى جامعة الإسكندرية، وعمل مرشدا سياحيا ويتحدث ثلاث لغات، وسافر إلى بلاد العالم، كانت الدنيا أمامه بكل متاعها، لكنه اختار متعة السفر إلى ثورة ضد الظلم والاستبداد، شأنه فى ذلك شأن كل الشهداء الذين سقطوا من صلاح جيكا إلى الحسينى أبوضيف إلى محمد حسين كريستى إلى عمرو سعد، كل الشهداء الذين سقطوا فى حكم محمد مرسى، ألا يلفت النظر أنه ليس بين هؤلاء بلطجى واحد؟