كمال حبيب

كلمتى إلى الإسلاميين

السبت، 09 فبراير 2013 05:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أفزعنى المشهد الذى رأيته لأحد المتخصصين فى البلاغة والأدب من جامعة الأزهر وهو يقرأ من كتاب صحيح مسلم بشرح النووى من كتاب الجهاد، ليقول إن حكم المعارضين للرئيس مرسى الشرعى والفقهى هو القتل.. حدث ذلك على قناة إسلامية ومن مقدم برامج بدا وكأنه يدفع المتحدث الذى لبس ثوب المفتى والفقيه والقاضى ليقول المزيد، هذه قناة قريبة فى توجهها الإعلامى من دوائر جماعة الإخوان المسلمين، وبدا وكأنها تدعم هذا المتخصص فى الأدب لينزو على الفقه والفتيا بلا أدوات تمكنه من التعامل مع موضوعهما بالحذر الواجب والمسؤولية المفروضة التى كانت تجعل الصحابة يهربون من الفتيا، ويقولون لا تتخذوا من ظهورنا جسورا إلى النار، لأنهم كانوا يخافون أن يقولوا على الله بغير علم، فالفتيا عمل اجتهادى من طراز رفيع يحتاج لمعاناة وتدرب على معرفة قواعد الأصول والأحكام واستخراج العلة ومسالكها، والسبر والتقسيم، ثم معرفة الواقع وعلاقته بالواجب أو الحكم الشرعى الذى يتناسب معه.
اللغة والأدب إحدى أدوات الاجتهاد لكنها لا تكفى وحدها لكى ينصب المرء نفسه مفتيا، لأن الفتوى إخبار عن الحكم الشرعى الاجتهادى الذى يلزم من يقلد الفقيه المجتهد، وفى الاجتهاد تفريعات كبيرة فى كتب الأصول، فهناك مجتهد المسألة، وهناك مجتهد المذهب، وهناك المجتهد المطلق الذى لم يعد موجودا الآن ومن ثم تكونت المجامع الفقهية التى تضم بين جنباتها متخصصين فى كل فروع العلم حتى من غير العلوم الشرعية، وهناك النوازل التى لم يسبق للجماعة أو الأمة أن واجهتها مثل ما يجرى فى مصر وما يجرى فى سوريا وما يجرى فى تونس وما يجرى فى اليمن وغيرها، والتى تحتاج إلى قومة جماعية لمجامع الاجتهاد أن تقول فيها كلمتها.
نحن الآن فى مصر أو فى تونس أو غيرها من بلدان الربيع العربى نواجه اجتماعا سياسيا جديدا مختلفا عن الاجتماع العربى القديم الذى أنتج نظام الخلافة الإسلامية، ومن ثم فالرئيس جاء إلى السلطة على قاعدة صندوق الانتخاب وقاعدة تداول السلطة وقاعدة وجود المعارضة وقاعدة وجود مجتمع ثورى فى الحالة المصرية، وقاعدة حق الشعب فى أن يعارض وأن يحتج وأن يطالب، ومن ثم فاستدعاء صيغة الخلافة هنا واجتهاد النووى الذى ينتمى للقرن الثامن الهجرى للاستنتاج والقفز من مجرد شرحه على الحديث بأن الحكم الشرعى لجماعة أيا كانت هو القتل، كيف يمكن أن يطمئن الناس إلى الإسلاميين وهم يفكرون بهذه الطريقة، أيها الإسلاميون أنتم الآن فى قلب المشهد والحشد والحشر بالمعنى القرآنى هو سمة النظم التسلطية والديكتاتورية والفرعونية، والثورة قامت للتأسيس لنظام سياسى يحترم كرامة الإنسان وحريته ويوفر له حاجياته اليومية بإنسانية، واستدعاء النظام السياسى العربى القديم هو حيلة سهلة ذات طابع دفاعى، ولكنها تضعكم فى مأزق، ابن خلدون تكلم فى مقدمته عن تطور الولايات وتغير شكلها مع العصر من ولايات دينية إلى ولايات سلطانية، وابن تيمية تحدث عن العصبية كأساس اجتماعى للحكم وليس شرطا أن يكون من قريش، وابن قيم الجوزية فى الطرق الحكمية قال: «إن السياسة ما كان أمر الناس معه أقرب إلى الصلاح منه إلى الفساد حتى لو لم ينزل بذلك نص أو وحى»، السياسة تحتاج إلى اجتهاد يعتمد على قراءة الواقع والاجتهاد لكل نازلة لبناء نظام سياسى جديد كما قال الشهرستانى فى الملل والنحل.. انظروا إلى العصر والواقع والإنسان والعالم وأسسوا لنظام جديد يخاطب أشواق الناس إلى الحرية والتسامح والكرامة الإنسانية، فذلكم جوهر مشروعكم الإنسانى والسياسى، نريد أن يخرج على الناس مجتهدون بحق، وليس مهرجين، حتى يثق الناس فيكم.









مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالباسط

رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد الدسوقي

ابن البلد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة