لو طلبت من أى طبيب نساء وتوليد أن يقوم بالكشف على الجماعة، من المؤكد أنه سيخرج من حجرة الكشف بعد قليل ليخبرك على طريقة الأفلام العربية: مبروك.. الجماعة حامل.. والحمل هنا ياسيدى ليس كاذبا، أو مجازا، أو نوعا من أنواع التشبيه أو حتى السخرية.. الجماعة حامل بالفعل، وكما قلنا أى طبيب نساء وتوليد قادر على أن يكشف لك فى جلسة سونار واحدة، أن الجماعة حامل بجنين من الأكاذيب والتضليل والكلمات التى تحولت للعكس تماما، بعد أن أصبح ابنها البكر رئيسا.
قبل ثورة 25 يناير كان الدكتور محمد مرسى نجما من نجوم الهتافات ضد إسرائيل، وواحدا من أشهر الأصوات التى اتهمت نظام مبارك بالخيانة والعمالة والوفاء لإسرائيل، لأنه لم يفتح باب الجهاد ضد الكيان الصهيونى، وبالنص قال الدكتور محمد مرسى فى أكثر من برنامج تليفزيونى، وفى مقاطع فيديو خلال مظاهرات وندوات التالى من الكلام عن إسرائيل: (النظام المصرى خائن ولا يتمتع بالشجاعة، وعليه أن يقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع إسرائيل فورا دون أن يتحجج بالاتفاقيات الدولية وغيرها، لأن الكيان الصهيونى لا عهد لهم ولا ذمة، ويجب مقاومته بكل وسائل وأشكال المقاومة طوال الوقت، ويجب أن نحاصرهم أينما وجدوا، لأنهم عصابات صهيونية وأحفاد للقردة والخنازير). قال الرئيس محمد مرسى هذه الكلمات والهتافات والشعارات فى مواضع متفرقه قبل أن يصبح رئيسا، ولكن لأن أخلاق الأخوان كما قلنا متقلبة، متلونة، تتخذ دوما الشكل الذى يخدم مصالح الجماعة، وتنظيمها قبل أى تفكير فى صالح الوطن والناس، كان طبيعيا جدا أن يتغير كل شىء، بعد أن أصبحت السلطة فى يد الإخوان، وأن ينكشف الغطاء ليفهم الجميع أن الشعارات الإخوانية كافة عن عداء إسرائيل، والجهاد، ماهى إلا أكاذيب كانت الجماعة ترى فيها سلاحا يمنحها المزيد من التعاطف الشعبى عبر التظاهرات والهتافات.. فى محاولة لتعويض فكرة عدم خروج الإخوان فى مظاهرات أو مواجهات مباشرة مع نظام مبارك، كما كان حال كفاية وغيرها من الحركات التى طالما سحل أولادها، وأفرادها على سلالم نقابة الصحفيين، وشوراع وسط البلد بسبب الهتاف ضد مبارك شخصيا.
المهم بعد أن أصبح الدكتور مرسى رئيسا، توقف عن تناول حبوب الشجاعة، توقف عن ذكر إسرائيل، ولم يعد يعرج على أى مفاهيم لها علاقة بالجهاد ضد الكيان الصهيونى، بل خضع وقدم اعتذارا أو تصحيحا لمفهوم تصريحاته السابقة التى وصف فيها اليهود بالقردة والخنازير، بعد أن لوحت وسائل الإعلام الأمريكية بغضب واشنطن القريب.
الأجمل من كل ذلك أن الرئيس بعث لشيمون بيريز خطابه العاطفى والحميمى الشهير، ثم أصابه الخجل، وحاول أن ينفى، مثلما فعل وفعل مستشاروه بعد ماتردد عن اتفاق ببنود مخزية، تمنح تل أبيب حقوقا كبرى أثناء التفاوض على شروط الهدنة الأخيرة بين إسرائيل وحماس. وهى الهدنة التى تم تتويج الرئيس مرسى بعدها بتصريح من شيمون بيريز، قال فيه لمبعوث اللجنة الرباعية تونى بلير، إن الرئيس المصرى يستحق كل الثناء لأنه لعب دورا صادقا وجادا لنزع فتيل الأزمة، وحماية إسرائيل من شر هجمات حماس الصاروخية.. وهو الأمر الذى تجدد قبل 48 ساعة من الآن حينما أكدت تل أبيب فى تصريحات حكومية، نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الرئيس محمد مرسى أرسل فى الفترة الأخيرة عددا من الرسائل إلى حركة حماس، يدعوها للتخلى عن الكفاح المسلح، والمضى قدما فى العمل السياسى لكى تحظى الحركة بقبول المجتمع الدولى، وهو الأمر الذى اعتبرته الصحيفة نتاج جهود العلاقة الجيدة التى تربط الرئيس المصرى بواشنطن وبإسرائيل على عكس ماكان يتوقع البعض.