نختلف فى السياسة ونعارض السلطة وأهلها وعشيرتها، وتصل بنا درجة الاختلاف والمعارضة إلى أقصى مدى وفقا لأصول لعبة السياسة دون انحراف أو شذوذ أخلاقى فى التعامل مع الخصوم السياسيين، ودون أن يخل ذلك بقاعدة أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد صاحب المقولة الشهيرة «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية»، فاليوم أنت فى السلطة وغدا فى المعارضة وعليك أن تحافظ على قيمة وفضيلة الخلاف السياسى والفكرى مع الآخر، والاختلاف فى الرأى والاعتراض على الأداء السياسى لا ينبغى ألا يؤدى إلى العداء كما قال غاندى ذات يوم، وإلا «كنت أنا وزوجتى من ألد الأعداء».
معارضة الإخوان والغضب من أدائهم السياسى المتدنى والبائس «اللى هيودى البلد فى داهية» لا يبرر أبدا الاعتداء اللفظى على مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع بصحبة أسرته فى مكان عام وليس فى مؤتمر انتخابى أو ندوة سياسية. فليست هذه هى المعارضة أو إبداء حرية الرأى، ولا يمكن مهما بلغت درجة الخلاف أن نقتحم خصوصية من نختلف معه ونجأر بصوت الغضب فى وجه أمام زوجته وأبنائه.
من هنا لا أوافق على سلوك الشاب غير اللائق الذى استوقف الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، أثناء تواجده فى أحد المطاعم بمركز تسوق سيتى ستارز بمدينة نصر مساء الاثنين الماضى، أثناء تناوله الطعام مع أسرته ودخل معه فى نقاش حاد. لا أوافق على السلوك سواء كان ضد المرشد أو ضد حمدين صباحى أو عمرو موسى أو الدكتور البرادعى أو السيد البدوى لأنه يتنافى والأخلاق العامة وسلوكيات المصريين الأصيلة.
فى الوقت ذاته، لم يعجبنى رد المرشد على الشاب وكان عليه الاكتفاء بالابتسامة ولا يتبعها بأذى لفظى عندما قال «ربنا مكلفنى إنى مردش على أمثالك». واقعة سيتى ستارز فى إطارها العام مقلقة للغاية وجرس إنذار بخطورة التحول فى السلوك الاجتماعى للمصريين بعد الثورة وانزواء ثقافة التسامح والعفو والاحترام والود فى التعامل المعروفة عن الشعب المصرى إلى ثقافة العنف، وهو ما يبدو ملحوظا الآن فى كل مكان حتى بين النخبة فى حواراتهم وينبغى التوقف أمامه ومواجهته، لأن ضياع واختفاء أخلاق المصريين معناه ضياع الوطن. إذا كنا لا نبرر ما حدث للمرشد فعلى الإخوان أن يدركوا أيضا أن العنف يولد العنف المضاد والاعتداء على الدكتور السيد البدوى وحمدى الفخرانى وأبوالعز الحريرى والشماتة فى حمدين له فعل مضاد وهذا ما لا نتمناه.