فى شؤون السياسة الحالية تصعب التفرقة بين التشريعى والتنفيذى والقضائى، والتفرقة بين الرئيس مرسى ومجلس الشورى وجماعة الإخوان.. الكل يقول نفس الكلام، ويدافع عن نفس الأخطاء.
يصدر مجلس الشورى قانونا للانتخابات ناقصا ومزدحما بالمخالفات، يعترض المعترضون، لكن مجلس الشورى يصر على إصداره، ويرسله للمحكمة الدستورية التى تضع ملاحظاتها وتعيده لمجلس الشورى، وتنفتح مناقشة وجدلا عقيما ينمّ عن جهل قانونى. ويعلن أعضاء المجلس أن ملاحظات المحكمة غير ملزمة، ثم يعيد الشورى طبخ وعجن القانون ويصدره دون الاستجابة لكل طلبات المحكمة، فى سلوك يكشف عن غياب للفصل بين السلطات، وحضور الخلط بين السلطات والمواقع والمهمات.
ينتهى مجلس الشورى من الطبخ، ويرسل القانون للرئيس الذى يوقعه بلا أى مراجعة، أو الاستماع لآراء خبراء القانون، ويقرر الدعوة للانتخابات بناء على قانون مسلوق قائم على دستور مسلوق، ولا يستمع الرئيس للملاحظات والمطالب التى تؤكد أهمية إعادة القانون للدستورية قبل إصداره. ويظهر ترزية التبرير ليقولوا إن الرأى الأرجح هو إصدار القانون والدعوة للانتخابات. ويدعو الرئيس للانتخابات بسرعة، استنادا إلى المواعيد الدستورية الحاسمة والقاطعة. ويظهر احترام مواعيد الدستور عندما يرغبون فى إجراء الانتخابات، لكن الالتزام يختفى عندما لا تكون هناك رغبة فى تعديل القانون بشكل يجعله دستوريا، وينهى المواد الهلامية وتقسيمات الدوائر الهمايونية.
تصحو المواعيد أحيانا وينام الدستور كثيرا، ويصر الرئيس على الدعوة للانتخابات، والمدهش بعد كل هذا أن الرئيس يدعو لحوار مع الأحزاب والمعارضة حول الأمر، وبعد القرار يطلب الحوار. ويصدر حكم القضاء الإدارى بوقف الانتخابات بناء على الدستور المسلوق، بسبب ركاكة المواد وعدم إحكام الصياغة. وبعد حكم القضاء يعلن مستشار الرئيس أن الرئاسة لن تطعن على الحكم، وتمر الأيام لكن الرئاسة تطعن على الحكم. ويقول المبررون إن الطعن حق قانونى، وهو أمر صحيح، لكن التأخير فى الطعن بعد الإعلان عن القبول يعنى أن الرئاسة كانت صاحبة قرار الصمت، وأنها ليست صاحبة قرار الطعن. وهى أمور وغيرها تقلل من قيمة الرئاسة أمام المواطنين، وتظهرها فى صورة المفعول به، بينما ينتظر المواطن أن تكون هى الفاعل والحكم. الرئاسة لها رأيها، وجماعة الإخوان لها رأى، والحزب له رأى، والشورى كذلك.. كل هذا يتفاعل ويتناقض، ويصنع حالة الفوضى والتداخل والخلط بين السلطات والمواقف، ويؤكد صحة انتقادات المعارضة عندما ترفض الانتخابات من دون ضمانات، بينما تصر جماعة الإخوان على الانتخابات بقانون أعرج ومسلوق، ولما يصدر الحكم تبدأ مرحلة جديدة من التخبط فى مجلس الشورى. اللجنة التشريعية تعلن إعادة بناء قانون الانتخابات كاملا، فيصر مكتب الإرشاد على تعديلات، ويعود الشورى ليستمع إلى الإرشاد، وفى الوقت نفسه يطعنون على الحكم، ويتراجع الرئيس، وتتوه الحقيقة بين جماعة ورئيس ومجلس وحكومة. تختفى الفواصل بين ما هو تشريعى، وما هو تنفيذى، وما هو رئاسى أو حكومى. وتتوه التفاصيل وتتداخل التبريرات والاستشارات، وتبدو الرئاسة متناقضة ومرتبكة، وغير قادرة على إعلان مواقف واضحة من الانتخابات وأحكام القضاء، بفضل اللعب والتلاعب فى صواميل الانتخابات والعملية الديمقراطية.