الحماس منقطع النظير للجماعة الإسلامية فى تشكيل اللجان الشعبية المعاونة للشرطة أو بديلا لها أعادنى مرة أخرى لكتاب الزميل والباحث ماهر فرغلى «الخروج من بوابات الجحيم»، الذى يعد مرجعا مهما لتاريخ الجماعة، كما أن صاحبه قضى 13 عاما فى السجن بسبب انتمائه لها، وكنت قد عرضت الكتاب فى هذه الزاوية على أربع حلقات قبل أيام، وأعود إليه فيما يتعلق بممارسات سابقة للجماعة فى المنيا وأسيوط، تدفعنا إلى توقع ما يمكن أن تؤول إليه مسألة «اللجان الشعبية»، والتى قال حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية إنها ستسعى لإصدار تشريع لها.
يقول «فرغلى» فى كتابه الذى تم مصادرة شحنة منه كانت فى طريقها إلى مصر حيث تمت طباعته فى الخارج: «الصورة فى تغيير المنكرات تختلف عن الأصل الذى يقوم أولا على مبدأ الستر، حيث يقول النبى الكريم فى أحد أحاديثه: من ستر مسلما فى الدنيا ستره الله فى الدنيا والآخرة، وأى ستر ونحن نقوم بتغيير المنكر بعشرات الأتباع على مرأى ومسمع من الجميع، نذهب إلى المرأة التى تفتح بيتها للزنى، فنجدها تنام بين أولادها، فنقوم بضربها ضربا مبرحا حتى تنقل على الفور إلى المستشفى، وتفضح المرأة دون أن نجدها يوما على المنكر».
«نتجسس على من يتعاطون المخدرات ونقفز من فوق أسطح المنازل المجاورة عليهم ونقوم بضربهم ضربا مبرحا، تمتلئ سياراتنا ونذهب لكى نقف أمام أحد الناس الذين اختلفوا مع أحد أتباعنا، وكنا نرى هذا عيبا وإضعافا لهيبة الجماعة التى ردعت مجرمى مدينتنا، وتحدث المشكلة الكبيرة التى تم حلها من العقلاء قبل أن تحدث المذبحة بين العائلات».
«نرسل التهديدات إلى قيادة الإخوان المسلمين أن توقف فرح أحد أتباعها لأن به أغانى إسلامية يضرب عليها بالدفوف، وهم يرددون أن الدفوف جائزة، وأميرنا يقول لا لأنهم عقدوا الفرح فى منطقة الجماعة، فرح يقيمه أحد الأهالى وفرح آخر فلماذا نغير المنكر فى هذا ونترك هذا؟ كان هذا لأن الذى لا نغيره قد يكون لأحد الأغنياء أو ذوى العائلات الكبرى، وقد تحدث مفسدة كبيرة ونصعد على المسرح، ونجبر الفرقة الغنائية على النزول ونقوم نحن بالإنشاد الدينى حتى ينفض الفرح».
يواصل فرغلى: «كانت عندنا العاطفة ولم يكن عندنا العقل، أضحك حينما أتذكر هذه الحكاية وأقول كيف كنت أقتنع بما يجرى، وكيف لم أستنكر ذلك، كان هناك محل للفيديو كاسيت سيفتح فى بلدنا واعتبر أمير الجماعة أن فى هذا تحديا للجماعة التى تمنع الأفراح التى تستخدم فيها الموسيقى وتمنع مثل هذه المحال، وقرر مجلس شورى الجماعة أن يذهب الشواكيش المسؤولون عن تغيير المنكرات فى منتصف الليل ويتصرفوا مع هذا المحل، كان على المحل شرطى واحد وكان الشواكيش ملثمين، قام أحدهم بضرب الشرطى بمؤخرة فرد الخرطوش وتصور أنه سيموت مثلما يحدث فى الأفلام السينمائية، ولكن الرجل استطاع أن يواجههم ويجرى وراءهم».
حدث هذا من الجماعة الإسلامية فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، صحيح أنها نبذت العنف الآن، وتقول إن اللجان الشعبية ستعاون الشرطة، وأنها ستعمل بالقانون، لكن من حق الجميع أن تطارده هذه الذكريات التى قد تعود.