"من النهاردة مفيش حكومة.. أنا الحكومة".. تلك العبارة الشهيرة التى قالها الفنان أحمد السقا فى فيلم الجزيرة، وهو يجسد شخصية المجرم تاجر المخدرات كبير البلد، الذى أصبح ندا للحكومة، بل وتفوق فى سطوته عليها بعد تحالفه وصفقاته العديدة مع قيادات الداخلية ليصبح الآمر الناهى المتحكم فى مصير أهل قريته، فهو يمتلك القوة والعزوة ومعها ترسانة أسلحة فى وقت غابت فيه الشرطة أو تغيبت عن عمد، فأصبح من حق "منصور" تاجر المخدرات القوى المسلح أن يقول هذه العبارة القوية الدالة "مفيش حكومة..أنا الحكومة".
الآن أصبحت هذه العبارة واقعا مصريا يتجسد فى كل لحظة.
"مفيش حكومة"، السلطة غائبة، والرئيس لا يملك قرارا ولا يستطيع تطبيق القانون لأسباب عديدة يتعلق جزء كبير منها به وبأدائه والجزء الآخر بمؤامرات، ومخططات تسعى لنشر الفوضى، والشرطة متغيبة عن عمد فلأول مرة فى تاريخ مصر تغلق أقسام الشرطة أبوابها، ويدخل الضباط والأمناء فى اعتصامات وإضرابات فى مرحلة هى الأخطر فى تاريخ مصر وهو ما يعد جريمة وخيانة للوطن، الذى أقسموا على حمايته.
وهنا يصبح الوقت مناسبا لأى مجموعة أو تنظيم يمتلك القوة أو السلاح أن يقول "أنا الحكومة"، وأن يفرض قوانينه ويتحكم فى مصير من هو أضعف منه.
وهو ما حدث فيما قامت به الجماعة الإسلامية فى أسيوط والتى أعلنت من خلال عرض قام به أعضاؤها على الدراجات البخارية أنها ستحفظ الأمن كبديل عن الشرطة هناك، والمبادرة التى أعلن عنها حزب البناء والتنمية والتى تطالب بتقنين أوضاع اللجان الشعبية.
وبعيدا عن إساءة الظن والتشكيك فى نوايا أصحاب المبادرة، إلا أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة – وذلك إن سلمنا بحسن نوايا من أطلقوا هذه المبادرة- إلا أنها فى الوقت الحالى ومع الغياب الأمنى والشرطى المتعمد وضعف الدولة تنذر بأن تصبح مصر غابة ودولة ميلشيات البقاء فيها للأقوى الذى يملك السلاح والعدد الأكبر، ومع حالة الفوضى والانتشار الجنونى للأسلحة فى أيدى الخارجين على القانون نصبح أمام كارثة.
وإذا كان من حق الجماعة الإسلامية تكوين لجان شعبية كبديل للشرطة الغائبة، يصبح أيضا من حق الأقباط تكوين لجان شعبية، ويصبح من حق كل عائلة تمتلك السلاح تكوين لجنة شعبية لحماية مصالحها، ويصبح من حق كل حى وشارع أن يكون لديه اللجان الشعبية الخاصة به، وإذا حدث خلاف بين هذه اللجان نصبح أمام حرب أهلية ويكون البقاء للجنة الأقوى.
وإذا كانت اللجان الشعبية قد قدمت نموذجا طيبا أثناء ثورة يناير إلا أن الروح السائدة الآن تختلف عما كانت، كما أنها تكونت لفترة مؤقتة وبشكل تلقائى ودون تسليح، وليس بدافع تنظيمى تقوم فيه كل جماعة بتكوين لجنة شعبية خاصة بها.
الحل لن يكون أبدا بهذه اللجان الشعبية فى هذا التوقيت، والظرف الذى تشتد فيه الخطورة والفوضى يوما بعد يوم، ولكن الحل أن يكون هناك دولة وحكومة، ورئيس قوى يستطيع أن يطبق القانون على الجميع دون استثناء، وأن يضرب بيد من حديد على أيدى المخربين ومن يقطعون الطرق ويعطلون المصالح، وأن يكون قادرا على تطهير جهاز الشرطة ومعاقبة من يعملون من داخل هذا الجهاز لمصالح خفية، وأن ينظر فى المقترحات المقدمة باستبدال العناصر الفاسدة فى هذا الجهاز بدفعات مدربة من خريجى الحقوق وغير ذلك من حلول تستحق الدراسة حتى لا يبقى الحال على ماهو عليه، وأن يكون صادقا حاسما عادلا حتى يحظى بثقة شعبه، باختصار نحتاج رئيسا لا تكون عيناه مكسورتين أمام شعبه، بعد أن فقد هيبته وقدرته على تطبيق القانون حتى تعود هيبة الدولة والحكومة، ولا يستطيع أى فرد أو جماعة أو تنظيم أن يقول "مفيش حكومة وأنا الحكومة".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
مقال طيب.....................لكاتبة طيبة !!
عدد الردود 0
بواسطة:
خايف ع البلد
ماذا يفعل الرئيس والكل متآمر؟!!
عدد الردود 0
بواسطة:
اصايل
مقومات القوة
عدد الردود 0
بواسطة:
د.وجدي
صح
صح كلامك يا زينب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد البحيرى
انتى احلى حكومة
ياباشا انتى مش مجرد حكومة ... انتى احلى حكومة :)