منتهى الخطر ما وصلنا إليه وكأننا دخلنا فى أزمة جديدة، قد تقودنا إلى حرب أهلية.. ولذا كنت دائما أطالب بإعادة قراءة التاريخ فإن نظرة سريعة إلى سنوات قريبة تقودنا إلى تجربة لبنان فى منتصف السبعينيات، وقت أن اندلعت شرارة العنف على شكل الطائفية. والناتج هو أن ما يحدث فى الشارع المصرى حاليا يشير إلى مأساة تطل علينا وتقترب بعيونها القبيحة ولعلنا نحس بالخطر القادم، يأتى ذلك المشهد مواكبا لاعتصام وإضراب بعض أعضاء الشرطة من مختلف مراكزهم، وكانت تبريراتهم ذات معنى واضح فهذا حقهم.. ولكن النتيجة أن بعض الأحزاب الدينية قد وجدت الفرصة سانحة لكى تنفذ خطتها حاليا، وهى نشر شبابها وقواتها فى صفوف يكونون دروعا بشرية هى من قبيل ما حدث فى أعقاب ثورة 25 يناير من انتشار اللجان الشعبية التى حمت مصر والأهالى من سطوة البلطجية والمجرمين والهاربين من السجون.. اليوم يرى البعض أن تكوين مثل هذه اللجان الشعبية ضرورة، على أن تكون على شكل مجموعات تحت لواء دينى يهدف إلى حماية المواطنين مستندين إلى مادة فى القانون تبيح بتواجد الضبطية القضائية.وهو الخطر القادم فى تخيلى وفى يقينى أيضا.. تواجد هذه الفرق وإن كان نيتها صحيحة وفتواها صالحة للشعب، إلا أن الواقع مع مرور الوقت يقودنا إلى أشياء أخرى وإلى مخاطر كبيرة يمكن أن تصل بنا إلى السيناريو الذى كتبته منذ سطور سابقة ويقترب بنا إلى احتمال حرب لبنان.. خاصة أن هناك خطرا عظيما كنا نسخر منه قليلا منذ شهور وصار حقيقة وهى جمعية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. وهى جماعة تتسم بالنزاهة الدينية ولكن يغلفها نوع من العنف فى تنفيذ أغراضها التى ترى أنها ستصل بالمجتمع إلى الرقى المنشود والاقتراب إلى تنفيذ الشريعة الإسلامية التى تحصن المجتمع.. وهو أمر يخيفنا ويجعلنا فى حيطة من الأمر الذى قد يقلب موازين المجتمع المصرى نحن اليوم فى مفترق الطرق.. وكما قلت الأمر يحتاج إلى حسم سريع، لأن هناك تضاربا فى الآداب من أن ما خرج من مكتب النائب العام يوصى بتنفيذ خطى الضبطية القضائية للمواطنين إلا أن هناك نفيا لذلك.. أتمنى أن يكون هذا النفى هو الغالب، لأن مجتمعنا لا يقبل التجريب السياسى.. نحن فى وقت لابد أن نعى أن حساسية الأحداث توصى بأن نتوخى الحذر والحيطة والحكمة.. فى عودة الأمن للشارع عن طريق شرعى، خاصة أن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أكد أن الأمن سيعود بكامل لياقته خلال شهر، هذا التأكيد يؤكد أننا مبقلون على وضع مبشر.. بعيدا عن هذه الجماعات، فلا يمكن أن نتخلى عن الشرطة الشرعية مثلما لا نتخلى عن جيش مصر القوى.