يطاردنى البعض - شامتا أحياناً، وكثيراً ساخراً- بالكثير من السطور التى كتبتها فى الفترة مابين 2005 وحتى 2010 دفاعاً عن خيرت الشاطر ورفاقه ممن استباح نظام مبارك مالهم وحريتهم وممتلكاتهم..
كتبت وقتها فى جريدة الدستور عن الثمن الذى دفعه الرجل وأهل بيته من مالهم وحرياتهم ومستقبلهم من أجل الدفاع عن فكرة يؤمنون بها -نختلف أو نتفق عليها ليس هذا هو المهم- ويسألنى المطاردون الآن هل تشعر بالندم من اتهامات الكفر وعداوة المشروع الإسلامى التى يلاحقك بها شباب الإخوان؟ هل تشعر بالندم الآن وأنت تشاهد الشاطر ورفاقه وهم يحطمون أحلام شباب مصر فى وطن أفضل بعد الثورة؟ هل تشعر بالندم وأنت تشاهد الشاطر ومرسى والعريان والمرشد وهم يسيرون على خطى مبارك الأمنية والقمعية فى حكم البلاد؟ ألا تريد أن تعترف بأنك كنت جاهلا بطبيعة الإخوان المسلمين وأسأت التقدير السياسى لجماعة لا تريد من الدنيا سوى إعلاء راية التنظيم حتى ولو تم الأمر على جثة مصر؟!.. أتفهم صدمة البعض من أداء الإخوان المسلمين، وأتفهم كيف نجحت غطرسة وغرور قيادات إخوانى مثل صبحى صالح وخيرت الشاطر والبلتاجى ومحمد مراد فى تحويل الخصومة السياسية مع الجماعة إلى كراهة ونفور اجتماعى؟ وأتفهم أيضاً أن فشل محمد مرسى وضعفه وقلة حيلته البادية فى طريقة إدارته للأمور حول جماعة الإخوان والرئيس فى عيون الناس من جماعة سياسية كانوا يظنون الخير فى قدرتها وقوتها التنظيمية فوجدوها مجرد صحبة اجتمعت على إدارة «كشك» ما ولا تصلح لإدارة دولة..
أتفهم كل ماسبق ولكن لا أجده سبباً صالحاً لأن يزور الندم بعضنا على ماقدموه من دعم معنوى وسياسى وإعلامى لمعتقلين الإخوان فى زمن مبارك، ولا أجده سببا لكى يفرح البعض بحالة الكراهية الشعبية الشديدة لكل ماهو إخوانى وكأن الإخوان ومن يمثلونهم أعداء فى معركة حربية وليسوا مجرد خصم سياسى.
كل الفشل الإخوانى وكل الأخطاء والكوارث التى يرتكبها مكتب الإرشاد ومحمد مرسى، وكل الأكاذيب والألاعيب باسم الدين التى يمارسها قيادات الإخوان من أجل الحفاظ على السلطة ربما تكون أمرا كاشفا لانتهازية تيار سياسى كنا نظن أهله أهل دين ووطنية، ولكنها لا تصلح أبدا لكى تكون سببا فى أن يرفع البعض شعارا يقول بأن مصر الآن عبارة عن إخوان ضد مصريين، لأن شعارا مثل هذا يحمل فى طياته دعوة صريحة للحرب، دعوة خبيثة بأن يأتى على مصر زمن ما يسير أهلها فى الشوارع للاقتتال واستباحة الدم.
الإخوان يا عزيزى خسروا الكثير سياسيا وخسروا التعاطف الشعبى مع قصة اضطهادهم التى نجحوا فى «أسطرتها»، أى جعلها أسطورة، وخسروا مصداقية شعار الإسلام هو الحل، وخسروا صورة جماعة الدين والدنيا التى استقرت لبعض الوقت فى أذهان الناس، ولكنهم لم يخسروا بعد جنسيتهم أو حقهم فى العيش والممارسة السياسية داخل هذا الوطن، وإن خرجوا هم عن سياق تعاليم الدين وفجروا فى الخصومة واتهموك بالكفر وعداوة المشروع الإسلامى، فلا تتطرف أنت وتدعو لعزلهم وتحرمهم من مصريتهم.