من الطبيعى فى أى مجتمع، أن يموج بالاختلافات السياسية والفكرية، وأن تتعدد الانحيازات، وبقدر رقى هذا المجتمع وتحضره يكون أسلوب إدارة الاختلاف وأخلاقيات التعامل مع المختلف، أصابتنى حالة من الاشمئزاز وأنا أتابع السجال الدائر عقب الأحداث التى دارت أمام مكتب الإرشاد بالمقطم، وحادثة صفع الفتاة على وجهها، وبعيدا عن تحميل المسئولية لمن ذهبوا هناك وهتافات بعضهم وما رسموه من رسم اعتبره الإخوان إساءة وإهانة تستحق العقاب لا يوجد مبرر واحد للاعتداء على امرأة مهما كان فعلها، راجعت سيرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتذكرت أم جميل حمالة الحطب، فقد استطاعت بتسلطها ومكرها وحقدها أن تجعل زوجها يحارب ويعادى ابن أخيه، فقادت حملة إيذاء وسخرية واستهزاء، كان شعار حملتها: «مذمما- تعنى: محمداً- أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا»، كانت ترفع صوتها بهذا الشعار بطرقات مكة، وتمشى بين الناس بالنميمة ضد النبى، صلى الله عليه وسلم، تُحرض الناس عليه، بل كانت تترقب طريقه ثم تسبه وتعيره بالفقر، ثم أخذت تضع الشوك والأذى أمام بيته، وفى طريقه، وتلقيه عليه وهى تشتمه أمام الناس، بل تحكمت بحياة أولادها، وتلاعبت بعقولهم، كما فعلت بأبيهم، قالت لولديها: رأسى برأسيكما حرام، إن لم تطلقا بنتى محمد، فلم يكن لهما إلا الرضوخ لها، فقاما بتطليق أم كلثوم ورقية، كل هذا الأذى للرسول الكريم وهو لا يبادلها الأذى ويصبر ويحتسب، حتى رموز الجاهلية مثل أبوجهل الذى روى عنه التاريخ عندما أراد قتل الرسول قال له أحدهم: ندخل عليه بيته ونقتله وهو نائم فى فراشه، فقال أبوجهل: ثكلتك أمك هل تريد أن يتحدث العرب ويقولون إن أبا الحكم يُرَوِّع بنات محمد؟ وقال ابن إسحاق عن أسماء بنت أبى بكر إنها قالت: لما خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبوبكر، رضى الله عنه، أتانا نفر من قريش، فيهم أبوجهل بن هشام، فوقفوا على باب أبى بكر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك يا بنت أبى بكر؟ قالت: لا أدرى والله أين أبى؟ قالت: فرفع أبوجهل يده، وكان فاحشاً خبيثاً، فلطم خدى لطمة طرح منها قرطى، ولما أحس بجرم ما فعل ورأى فيه انتقاصا لمروءته ورجولته، فقال لمن حوله: اكتموها عنى، حتى لا يقول الناس إن رجال العرب تصفع النساء!!
صدمتنى طريقة التبرير التى سلكها بعضهم، حيث خرج أحدهم يقول: أين زوج هذه السيدة وكيف يتركها هكذا؟ وقام بعضهم بنشر صور للمجنى عليها وحولها بعض الشباب طاعنًا فى شرفها وأخلاقها بكل خسة ونذالة، وتبارى بعضهم فى التنظير والتأصيل بأن ما حدث لها تستحقه، يعز علىّ أن يخرج هذا الكلام ممن كانوا يهتفون دوما القرآن دستورنا، يبكينى ما كتبه بعض من أعرفهم وكنت أحسب أنهم مازالوا يحملون بعض الاحترام لأنفسهم وأخلاقهم، ولكن فجعنى سقوطهم الأخلاقى المدوى إذ انطلقوا يخوضون بنفس هذا التدنى، وحين رأيت صورة الصحفى المتميز والمهنى محمد إسماعيل والدماء تسيل من وجهه بعد الاعتداء الذى تم عليه لم أصدق أن الحمق وصل لهذا الحد، فهذا الرجل يكتب بإنصاف عن جماعات الإسلام السياسى من قبل الثورة، وكثيرا ما كان يدافع عن هؤلاء، عجبت لمن يحرمون مصافحة المرأة ثم يبيحون صفعها وإهانتها، عجبت لمن يطئون كل يوم ما عاشوا يرددونه من قيم ومبادئ، ستعلو أصوات بعضهم الآن لمزيد من التبرير ليقولوا نحن المعتدى علينا فى ديارنا ومقراتنا، ولنا أن نحمى أنفسنا، وهذا منطق مغلوط، دافع عن نفسك وعن مقراتك بالقانون، ولاحق من يعتدى عليك عبر القضاء، لكن لا تتخل عن رجولتك ومروءتك وشهامتك، لا تضرب النساء ولا تمارس «الشكر» ثم بعد ذلك تدعى التدين، وتتحدث باسم الدين، بئس الفعل وبئس التبرير، لا تقولوا من اليوم على أنفسكم إسلاميين، بل سموا أنفسكم بأى شىء آخر، ودعوا الدين بعيدا فهو مما تفعلون براء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د. سعيد الشيخ
كلامك يدل انك تدخل نحت العنوان
عدد الردود 0
بواسطة:
د.علي حجازي ايرلندا
الوقاحة مافعلته المذكوره وامثالها والذين يساندونها
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال
اتق الله
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud
يبدو ان اللجان الالكترونية أصبحت تضم دكاترة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
سبحان الله
عدد الردود 0
بواسطة:
تجار دين وشريعه وربوبيكيا
اين هؤلاء تجار الدين من اخلاق ابي جهل ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
hima
احلك عصور الجاهليه
عدد الردود 0
بواسطة:
glal
الى رقم 4
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد علي
و شهد شاهد من أهلها
يكفي أنك شبهت هذه الفتاه بحمالة الحطب زوجة أبي لهب
عدد الردود 0
بواسطة:
م/محمود البرعى
شاهد بعيون الآخر