قامت السلطات المصرية بالقبض على أحمد قذاف الدم منسق العلاقات المصرية الليبية فى عهد معمر القذافى -ويعد أحد أركان النظام الليبى السابق، وضمن قائمة تضم أكثر من مائتى شخص فى مصر تطالب السلطات الليبية بإلقاء القبض عليهم- من داخل منزله بالزمالك وتقديمه للنيابة العامة التى قررت حبسهم لمدة ثلاثين يوما على ذمة التحقيق، هو واثنان من المسؤولين الليبيين السابقين هما محمد منصور، ومحمود أمين ماريا، تمهيدا لتسليمهم إلى ليبيا بناء على طلب من الحكومة الليبية، وهنا تجدر بنا الإشارة إلى أمر فى غاية الأهمية وهو أن تسليم قذاف الدم على هذا النحو هو إخلال بالتزامات مصر بالقانون الدولى لحقوق الإنسان بخصوص تسليم المتهمين، وخاصة أن هناك دلائل قوية تفيد بأن قذاف الدم لن يلقى محاكمة عادلة ومنصفة فى ليبيا عقب تسليمه فى ظل الأوضاع المتردية التى تشهدها الدولة الليبية بعد الثورة من عدم الاستقرار السياسى وغياب دولة القانون والمؤسسات السيادية وعدم ترسيخ نظام عادل يكفل العدالة بين جميع المواطنين على قدم المساواة مهما كانت ظروفهم أو طبيعة مناصبهم السابقة، وبهذه الطريقة فإن هذا يعد إخلالا بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة التى كفلتها المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، كما أنه يذكرنا بالسوابق التاريخية فى هذا السياق حينما أقدمت السويد على تسليم أحمد عجيزة المتهم فى قضية «العائدون من ألبانيا» إلى مصر فيما يسمى بالضمانة الدبلوماسية، وبعد حصول السويد على تأكيدات من قبل الحكومة المصرية آنذاك باحترام حقه فى الحصول على محاكمة عادلة ومنصفة، وهو الأمر الذى لم يحدث على أرض الواقع بل تم انتهاك حقوقه بشكل صارخ من عدم كفالة حقه فى المحاكمة العادلة والمنصفة، وذات الأمر موقف المحكمة الأوروبية التى منعت بريطانيا من تسليم أبوحفص المصرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية ورفضت تسليمه خشية تعرضه للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية على الأراضى الأمريكية، وبالتالى حينما نتذكر مثل هذه السوابق التاريخية نجد أن تسليم أحمد قذاف الدم أمر فى غاية الخطورة، وخاصة فى ظل الأجواء فى الأراضى الليبية والوضع القضائى غير المستقر هناك، وهى أمور تثير قلقا وشكوكا حول المعاملة التى سيعامل بها قذاف الدم وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة التى سوف يمثل أمامها.
وهنا يجب على الحكومة المصرية فى هذه الحالة الحصول على ضمانات لحقه فى المحاكمة العادلة والمنصفة أو عدم تسليمه خشية الخوف على حياته والخوف من تعرضه للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وهى أمور فى غاية الأهمية لأى إنسان، فما هى صورة مصر الآن أمام العالم فى حال تسليم قذاف الدم إلى بلاده وتعرضه للتعذيب أو المحاكمة غير المنصفة، بل نستطيع أن نؤكد أن احتمالات التصفية الجسدية قائمة فلازالت الأوضاع الأمنية صعبة فى ظل انتشار واسع للسلاح بمختلف الأعيرة وفى أيدى فصائل وقبائل ونذكر الهجوم على البرلمان الليبى ومحاولات تصفية بعض الوزراء والمسؤولين الليبيين، فمن المؤكد أن حياة الليبيين فى مصر سوف تكون فى خطر حال تسليمهم للسلطات الليبية.
إن الحكومة المصرية بهذه الطريقة باتت لا تشغل نفسها بمسألة أو قضية حقوق الإنسان على الإطلاق، وهذا أمر فى غاية الخطورة من عدم إيلاء اهتمام بهذا الملف ووصول الأمر إلى هذا الحد تسليم أحد أقطاب النظام الحاكم السابق إلى دولته الأصلية، مما يعنى خطورة على حياته، وهنا يجب على الحكومة المصرية أن تعدل عن قرار تسليم قذاف الدم احتراما للمواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والخاصة بتسليم المتهمين وحقوق المحاكمة العادلة والمنصفة فى البلاد واحترام الأعراف الدولية فى هذا السياق لكون هذا من أبسط حقوق الإنسان حتى لو كانوا معارضين، وأنه فى حالة وجود أى شكوك حول هذا الأمر أن ترفض تسليمهم حفاظا على حياتهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
amr
لايا شيخ
عدد الردود 0
بواسطة:
الجزائر
الموضوع له أهميته
عدد الردود 0
بواسطة:
حمزه
تجوع الحره مصر 000و لا تتسول 00 بثوابتها ولا مبادئها
عدد الردود 0
بواسطة:
سهير ابراهيم
مصر