كم مرة قرأت موضوعات ومقالات حول «نار» الأسعار حرقت جيوب المصريين فى كل الصحف معارضة وقومية ومستقلة، فقبل عشر سنوات ونحن نؤكد أن الأسعار تأكل كل شىء، الأخضر واليابس وأن المواطن الفقير هو ضحية سياسات الرئيس المخلوع مبارك والحالى مرسى، وكلاهما قاما بحرق الغلابة بنار الأسعار التى تحولت إلى غول التهم محدود الدخل، وبالرغم من أن المثل فى بلادى يقول «ماحدش بينام من غير عشا»، ومع الارتفاع الجنونى للأسعار الذى ضرب جميع السلع أصبحنا الآن نخشى أن ينام المواطن دون «عشا» فى عهد مرسى، فالجميع فشل فى مواجهة هذا العبث غير المفهوم وغير المبرر، لأننا شعب بلا حكومة تحميه من الجشع والاستغلال والاحتكار الذى تمارسه حفنة من التجار، مستغلين حالة الاستسلام لهذا الشعب تجاه كل الكوارث التى يتعرض لها دون أن يكون له رد فعل حقيقى.
لقد وباتت حالة الغليان بسبب هذا الارتفاع الجنونى فى الأسعار، تنذر بخطر كبير بعد أن طالت الجميع، وبات ألوف المصريين يشكون فى هذه الأيام من أنهم يبيتون ليلتهم حتى من دون وجبة غداء، وقد باتت هذه الحالة الآخذة فى التوغّل جراء تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، مصدر ضغط على صنّاع السياسة فى مصر خشية أن تؤدى إلى انفجار فى المجتمع.
وعلى الرغم من أن نار الأسعار التى حرقت جيوب وأجساد المصريين، فإن الملاحظ أن هذا الارتفاع لم يشغل بال الجماهير، بل انشغلوا فى مظاهرات طائفية وجدلية ظاهرها الإيمان وباطنها الجهل، ولو تفرغ المواطن الذى يخرج فى مظاهرة بالمسجد أو الكنيسة للاحتجاج على حكومة الغلاء لربما أصيبت حكومة هشام قنديل بالخوف والرعب من هذا الشعب المستسلم لكل كوارث ومصائب وزراء الدكتور قنديل.
لقد أصبحنا الآن مطالبين بمواجهة مافيا ارتفاع الأسعار، وكذلك مواجهة وزارة هشام قنديل التى فشلت فشلا ذريعا فى وقف نار الأسعار التى أكلت الأخضر واليابس.. مطلوب منا أن نعمل على وقف هذا التوحش فى الأسعار، والذى بات ينذر بكارثة حقيقية على رؤوس الغلابة والفقراء من أبناء هذا الشعب الذى تحمّل الكثير من السياسات الفاشلة لحكومة أصبح رحيلها الآن واجبا قوميا بعد أن أصبحت عبئا على كل المصريين.