عبد الرحمن يوسف

رفقاء النضال

الإثنين، 04 مارس 2013 09:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلت ذات يوم فى إحدى قصائدى: لعن الله السياسهْ / وقصورا للرياسهْ / ساكن القصر دواما أكثر / أكثر الناس نجاسهْ / كل ما فيه غباءٌ / ما به أى كياسهْ / وإذا قيل شريف / قلت بل أصل الخساسهْ!

وكنت أظن القصر هو مصدر كل الشرور، وأننا لو حللنا مشكلة ساكن القصر فإن لعنة السياسة ستزول، وسنرى الحياة حلوة بلون وردى.

كنا نظن أن ساكن القصر هو مصدر التلوث السياسى، ولكن مع الأيام، وبعد سقوط ساكن القصر الذى تفننا فى هجائه سنوات وسنوات اكتشفنا أن كثيرا منا يحمل نفس أخلاق ساكن القصر، وأن كثيرا منا قد تطبع بطباع من سكن القصر، فيملك من القدرة على إقصاء الآخر وتشويهه الكثير، ويبدو أن «مباركا» صغيرا يسكن فى قلوب كثير من المصريين حتى اليوم، إن الخلاف فى وجهات النظر فى أمر مثل التصويت بلا أو نعم على الدستور، أو مثل المشاركة والمقاطعة للانتخابات البرلمانية، أو انتخاب مرشح برلمانى أو رئاسى أو آخر.. كل هذه الأمور أصبحت مبررات للطعن فى الأعراض، وأصبح الخلاف حولها يجعل الحليف عدوا مبينا، ويحول أقدم الصداقات إلى بغضاء، ولا أبالغ إذا قلت إنه يكاد يفتك ببعض أعمق العلاقات الإنسانية، يؤلمنى أن أرى بعض الناشطين السياسيين الذين عرفتهم، وزاملتهم، وتشرفت بالعمل معهم لشهور طويلة، وبعضهم خضت إلى جواره لحظات فاصلة، رأينا فيها الموت سويا وكان أحدنا فداء للآخر، يؤسفنى أن أرى بعض هؤلاء الأعزاء اليوم وقد حملوا أخلاق العهد القديم، بعد أن تخلقنا جميعا بأخلاق الميدان!

إن تشويه رفقاء النضال بعضهم البعض ظاهرة من أسوأ الظواهر التى حدثت بسبب الاستقطاب السياسى، فترى من وقفوا سويا أمام الرصاص الحى يختلق أحدهم الأخبار الكاذبة عن الآخر، ويروجها بسائر الوسائل وهو يعلم أن الأمر كذب من أوله لآخره دون أن يهتز له جفن.

بالنسبة لى قد سامحت كل من أساء إلى، حتى إذا لم يعتذروا، وأقتدى فى ذلك بقول الشاعر: اقبل معاذير من يأتيك معتذرا / إن بَرَّ عندك فيما قال أو فجرا، إن جميع ما يحدث اليوم اختبار إنسانى صعب لكل المصريين، وهو اختبار أخلاقى أولا، قبل أن يكون اختبارا سياسيا، وإذا رسبنا فى الاختبار الأخلاقى، فلا خير فينا، ولا أمل فى أن يتحرك هذا البلد للأمام.

مصر تحتاج إلى سياسيين جدد، يمارسون السياسة بمعايير أخلاقية ثابتة لا تتزعزع، ويقدمون القدوة الحسنة قبل أن يقدموا الحلول السياسية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة