لماذا لاتتنازل مؤسسة الرئاسة فى مصر قليلا لصالح المعارضة «جبهة الإنقاذ» حتى تضمن مشاركة جادة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، والتى لو قاطعها بالفعل أحزاب جبهة الإنقاذ.. لأصبحت انتخابات صورية بين الأحزاب الإسلامية فقط، وسيكون الخاسر الوحيد فيها هو الشارع المصرى الذى مازال يخشى أن يحكمه تيار سياسى واحد هو التيار الإسلامى، ليصبح هو «الحكومة» و«المعارضة» معا، وهو ماسيؤدى إلى غياب التيار المدنى أو الليبرالى من المشهد السياسى الرسمى، سواء حكومة أو معارضة، ولن يجد هذا التيار وأنصاره مكانا سوى الشارع، ومعنى هذا أن تظل البلاد على صفيح ساخن، وبراكين مشتعلة، ويظل الشارع يغلى، والعصيان مستمرا، وفى تزايد، وهو مايضرب الاستقرار فى كل أنحاء مصر.
هذه هى الصورة التى جعلتنى أطرح هذا السؤال للرئيس الإخوانى محمد مرسى.. لماذا لاتتنازل ولو قليلا لتنفيذ مطالب جبهة الإنقاذ، لضمان دخولها الانتخابات البرلمانية بشكل معلن، وليس بشكل خفى أو مستتر؟.
لماذا يادكتور مرسى لا تتنازل بعد أن فشلت فى كل قراراتك التى اتخذتها لتهدئة الشارع المصرى، فلم تفلح لغة التهديد والوعيد، ولا حتى لغة الإغراءات والتنازلات التى حاولت أن تقدمها لأبناء بورسعيد، مثل قرار عودة المنطقة الحرة لهذه المدينة الباسلة؟.
يادكتور مرسى عليك أن تعيد كل حسابتك.. فلو جاء برلمان خال من المعارضة الحقيقية، فإنه لن يختلف كثيرا عن برلمانات مبارك، وخاصة برلمان 2010 الذى كان السبب الرئيس فى إعلان التمرد على حكم الرئيس المخلوع، وكانت الشرارة الأولى التى أكدت على أن نهاية نظام مبارك أصبحت وشيكة، وهو ماحدث بالفعل، حيث لم يمر 60 يوما على برلمان أحمد عز، وجمال مبارك، حتى انفجر الشارع المصرى كله، معلنا ضرورة إسقاط نظام مبارك، وكان السبب وراء هذا الغضب الجماهيرى هو البرلمان المزيف.
الآن يكرر الدكتور مرسى نفس السيناريو، ويساعده على ذلك جماعته وعشيرته من الإخوان، ولكنهم نسوا أن الشارع يغلى، وأن أسهم الجماعة وحزبها الحرية والعدالة فى تراجع، وأن السبيل لإنقاذ البلاد ليس فى انفرادهم بالسلطة، ولكن بمشاركة الجميع فيها، خاصة أن مشاكل مصر لايمكن لأى تيار سياسى بمفرده أن يحلها.