تواجدت على مدار الأسبوع الماضى بإمارة دبى الساحرة بالإمارات لظروف خاصة بعملى ولأننى اعتدت أن أقوم بأداء صلاة الجمعة، استأذنت صديقى المصرى، الأستاذ محمد عوض الله الذى يرأس مجلس إدارة مجموعة سياحية كبرى بدبى ويعيش بها مع أسرته منذ زمن بعيد، أن يأخذنى معه لأحد المساجد وبالفعل مر علىّ بسيارته قبل رفع الأذان بنصف ساعة وكان معه ابنه الصغير، وذهبنا نحن الثلاثة إلى مسجد كبير بحى الميديا سيتى ودلفنا إلى داخله حيث وجدت مسلمين من شتى الأشكال والجنسيات كلهم يجلسون يقرأون القرآن الكريم فى سكينة وهدوء فى انتظار رفع الأذان ومن ثم الخطبة، رُفع الأذان بصوت عذب خافت لا يجعر ولا يتشنج فكان للأذان وقعه فى نفسى، حيث إننى لم أعتد تلك العذوبة والسكينة بمصر، ظهر الإمام وهو شاب فى أواخر الثلاثينيات، سورى الجنسية واعتلى المنبر الخشبى وبدأ خطبته بصوت هادئ وخافت أيضاً خال من التشنجات التى اعتدت عليها كل جمعة بمصر، ولاحظت أنه ممسك بورقة يقرأ منها ولم تترك عينه الورقة طوال الخطبة التى لم تتخط مدتها الدقائق العشر!! نعم خطبة الجمعة هناك عشر دقائق وليس بها تشنجات وأيضاً تخلو من الوعيد والنار والانتقام وسِباب الكفار بل وسِباب الديانات الأخرى أحياناً!! بل احتوت على موضوع غاية فى الرقى بدأهُ الإمام بسورة العلق التى هى أول سورة أنزلت على نبينا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام.. اقرأ.. تحدث الإمام عن القراءة وفوائدها ولم يقُصر القراءة على القرآن أو على القراءة الدينية فقط بل تحدث عن قيمة القراءة بوجه عام، القراءة التى تعنى المعرفة، لقد حثنا جميعاً نحن المصلين على القراءة فى الدين والعلوم والآداب وحثنا على الاستفادة من التطور التكنولوجى.. حثنا على قراءة الترجمات للكتب الغربية القيمة والاستفادة منها، نعم هكذا حثنا هذا الإمام الجميل على المعرفة فى خطبة اجتماعية دينية من الطراز الأول، انتهت الخطبة وانتهت الصلاة ووجدت نفسى أشكر صديقى عوض الله لاختياره هذا المسجد خصيصاً ليفاجئنى بأن خطبة الجمعة بالإمارات خطبة موحدة تخرج من الأوقاف كل خميس وتوزع على كل مساجد الدولة!! يا لها من حضارة ويا له من رقى قد انعكس على الدولة ذاتها فى شتى المجالات لتصبح من أهم الدول بالمنطقة، على الرغم من أنها قد تكون أحدثهم.