ساعة بعد ساعة، انتظرت أن يتحرك الرئيس منفردا أو بأسطول سيارات التأمين الخاصة به أو حتى بطائرته الهليكوبتر ليهبط داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ويخطب فى المصريين الأقباط الغاضبين، يهدئ من ثورتهم ويمسح دموعهم، ويربت على أكتافهم، مؤكدا لهم أن حقوقهم لن تضيع، وأنهم مواطنون لا رعايا، لا يجب أن تتعرض مقدساتهم أو أرواحهم أو ممتلكاتهم للتهديد.
ساعة بعد ساعة، انتظرت أن يشارك الرئيس مرسى فى تشييع ضحايا أحداث الخصوص، وأن يزور المصابين وأن يعوض أسر الضحايا، وأن يقيل وزير الداخلية المتقاعس عن حفظ الأمن، والذى لا يعرف إلا إطلاق قنابل الغاز، على اعتبار أن أسر ضحايا الخصوص ومصابيهم ليسوا أقل شأنا من طلاب جامعة الأزهر المصابين بالتسمم جراء تناولهم وجبات فاسدة، وأن الفتنة الطائفية أشد وأولى بالرعاية والاحتواء من إقالة رئيس جامعة الأزهر ليحل محله مفتى الإخوان.
ساعة بعد ساعة كنت آمل أن يفعلها مرسى، وأن يخيب ظنونى وشكوكى، فقد مللت شخصيا كلمات الانتقاد التى لا تلقى آذانا، ومللت التشاؤم الذى يفضى إلى الإحباط واليأس، وتمنيت أن أجد تصرفا واحدا رشيدا أو قرارا يتيما للرئاسة أو للحكومة فى مصلحة البلاد، حتى أطمئن وأصبر وأكتب مؤيدا مشجعا، ربما تزداد القرارات الإيجابية ويتراجع حجم الكارثة التى نعيشها.
لكن الرئيس كالعادة أثبت ظنونى وشكوكى، ظل مرتبكا صامتا يومين بينما الأحداث تشتعل
والفتنة تمتد وتتضخم حتى صارت جرحا عميقا يصعب التئامه، ثم أعلنت مؤسسة الرئاسة عن اجتماع الرئيس مع مستشاريه لتدارس الوضع، وكأنه يستعلم عما يمكن أن يقوله، وكانت النتيجة مجرد اتصال هاتفى مع البابا تواضروس وكلمات إنشائية من عينة «أعتبر أى اعتداء على الكاتدرائية اعتداء على شخصيا»، وبعدها تواصلت الاعتداءات وسقوط الضحايا والمصابين.
طيب يادكتور مرسى ماذا تفعل مع استمرار الاعتداءات عليك شخصيا؟ ماذا تفعل مع تزايد حالة الاحتقان والغليان فى أوساط الأقباط؟ كيف تتصرف وقد سال الدم المصرى مجددا؟ ماذا بعد أن أيقن الأقباط أن ظهورهم إلى الحائط وخرج الكهنة الموقرون يهتفون ضد النظام؟
أخشى أن يكون الأوان قد فات يا دكتور مرسى.