على بريدى الإلكترونى أستقبل كل يوم عشرات الرسائل الخاصة والعامة، لكن أكثر ما لفت انتباهى منذ أن عملت بالصحافة هو أن المتطرفين والمتشددين وعديمى الموهبة على اختلاف أنواعهم وأجناسهم وانتماءاتهم هم أكثر الناس حرصا على التواصل مع الصحفيين حتى لو لم يكونوا على صلة حقيقية بهم، كل يوم تصلنى عشرات الرسائل من متطرفين مسيحيين ومسلمين، وما زاد من حيرتى هو أنى وجدت العديد من الرسائل التى تصلنى بانتظام من «أمريكا» لمتطرفين أمريكان أشهرهم ذلك القس المخبول الذى اعتاد كلما هبطت ميزانية كنيسته أن يحرق القرآن فى مشهد مبتذل حقير، وهو الأمر الذى جعلنى أتيقن من أن التطرف أصبح فى عالمنا كالماء والهواء، مجانيا ومتاحا لمن يريد أن يحب أو يهوى أو حتى يفكر، بينما المعتدلون والمثقفون والمستنيرون يمتنعون عن الترويج لأنفسهم، ربما لخلل فى مفهوم الإعلام لديهم، وربما أيضا لشعورهم بأن بضاعتهم غالية ولا يجوز إلقائها على قارعة الطريق أو فى سلة مهملات البريد الإلكترونى، لكن على أى حال يبقى التطرف متاحا للجميع دون عناء، بينما تقف الاستنارة حائرة تنتظر من يبحث عنها فتمنحه حينا وتمنعه حينا.
انظر إلى مواقعنا العربية الإلكترونية ومنتديات الإنترنت وساحات الدردشة فستجد أن أشهر هذه المواقع هى التى تحفل بالتنابز الدينى والعنصرى والقومى والطائفى، مواقع شيعية تبث الأكاذيب، ومواقع سنية تبث الحقد والغل، ومواقع مسيحية تبث الكراهية والشك، ومواقع إسلامية تبث السم فى الهواء والماء، نظرة واحدة إلى تلك المواقع تؤكد لك أن الشيطان هو الذى يديرها ويمولها، وأن حلفاء الشيطان فى كل زمان ومكان خلعوا قرنيه من فوق رؤوسهم وارتدوا بدلا منها عمائم سوداء وبيضاء، ولا يضارعهم فى محاصرة القراء والمتابعين سوى المواقع الإلحادية المتطرفة «علمانيا» ولا يكتفى هؤلاء وهؤلاء بمواقعهم فحسب، فيبعثون إليك الرسائل بعد الرسائل حتى تضج سلة مهملات بريدك الإلكترونى من كثرة ما تلقيه إليها.
ولأن الرقابة الأخلاقية والسياسية والقانونية غائبة تماما فمن الطبيعى أن ينتشر الكذب الإلكترونى بشكل يعجز الواحد عن الوقوف صامتا أمامه، خذ عندك مثال ما وجدته فى بريدى الإلكترونى أمس الأول، فقد أرسل لى حزب «الحرية والعدالة» خبرا عن مبادرة بفتح الحوار مع الصحفيين والإعلاميين، أطلقها مستشار الحزب الإعلامى «مراد على» الذى صرح بأن الحزب ملتزم بالشفافية فى تعامله مع الصحفيين وبالتحقيق مع أى شخص يسىء لأى فرد من خلال الوسائل الإعلامية لحزب الحرية والعدالة، إلى هنا فالكلام جميل ويحمل روحا جديدة افتقدناها «كإعلاميين» فى التعامل مع الإخوان، غير أنه من الواضح أن «يموت الزمار وصباعه بيلعب» فلم ينتظر هذا الدكتور المستشار حتى ينتهى من مبادرة وشرحها حتى هاجم الإعلام بالزور مرة أخرى وأساء إلى الصحفيين بالكذب دون وجه حق، زاعما أن الإعلام روج 50 شائعة ضد الإخوان خلال الأشهر الثلاثة الماضية، منها ما أسماه شائعة «تأجير الآثار» التى انفردت اليوم السابع بالكشف عنها، وهنا وجدت نفسى أضرب كفا على كف، مطوحا بسذاجتى التى انتعشت حينما قرأت الأسطر الأولى من «المبادرة» فلم ينشر اليوم السابع شائعة، ولم يعتمد فى طرحه للقضية على «أقاويل» وإنما نشر مستندات رسمية صادرة من مكتب وزير المالية «الإخوانى» تعرض على وزارة الآثار فكرة تأجير الآثار إنعاشا للميزانية، وهو الأمر الذى نفته وزارة الآثار ثم أكدته، ونفته وزارة المالية ثم أكدته أيضا بعدما تم أُفحمت بالمستندات الرسمية والشهادات الحية من المسؤولين، وهنا تأكدت من أن أول قصيدة السيد المستشار كفر، وأول المبادرة «كذب» فما بالنا بآخرها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ميمو
كأنك تريد أن توصل لنا رسالة وهى :-
عدد الردود 0
بواسطة:
soso
يا سيدي الإعلام هو سيد الكذب والتضليل
فتش على المال الحرام تجده في الإعلام .
تحياتي
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
من المبادره أو من مبادرته
فقط