تموج مصر بالأسئلة الحائرة أكثر، مما تعطينا إجابات، وقد كان حلم المصريين بالثورة أن تمنحهم إجابات أكثر مما تزيد الأسئلة الملغزة والمعقدة أمامهم، ففعل الثورة هو إجابة منتظرة لسؤال كبير حول هل نحن قادرون أن نفعل؟ هل نحن قادرون على أن نتحرر؟ هل نحن قادرون على أن نسقط الطاغوت؟ هل نحن قادرون على أن نحافظ على قيم الثورة؟ هل نحن قادرون على أن نبقى فى ميدان الثورة حتى تتحقق أهدافها؟ كلما تعقد المشهد وانتقل بنا من ميادين الثورة إلى حيرة بناء الدولة ومؤسساتها، وتنازع القوى الاجتماعية والسياسية على كراسى السلطة واستئثار كل منهم بما يستطيع من صدارة المشهد، كلما فاجأنا الواقع بأحداث تخرجنا من حال الشعور بالثورة والميادين واستحضار حالة المعانى والقيم التى أثارتها فينا – إلى حال أن النظام القديم لا يزال موجوداً، وأنه يريد للثورة وأهلها أن يحبطوا، وهل هناك مشهد أكثر عبثية مما رأيناه جميعا من ظهور مبارك على الشعب المصرى الذى ثار ضده وهو لا يزال يتمتع بروح معنوية عالية ويشير بيديه إلى محاميه ومؤيديه، ماذا يريد مخرجو هذا المشهد أن يقولوا للشعب بعد ثورته؟
فى الواقع معركة الثوار والثوريين لم تكن موجهة ضد أشخاص بقدر ما توجهت ضد قيم رسخها نظام طاغوتى مستبد على مدى ثلاثين عاماً، استحوذ فيها وملأه ونخبته الفاسدة على الثروة والسلطة، وجعلوا من السياسة شطارة وتجارة على شعبهم، وزجوا بمئات الآلاف من المخالفين لهم من الإسلاميين وغيرهم فى السجون بلا محاكمات، وهمشوا الشعب كله وأذاقوه صنوف الفقر والأمية والحرمان من جميع حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما خانوا ولاءهم لشعبهم وباعوه لأعداء أمتهم، وبدلا من أن يجعلوا السلطة مسؤولية والدولة عنوانا للمسؤولية اتخذوها ستارا لتحقيق مصالحهم الشخصية والعائلية، وهنا مبارك وعائلته والعادلى والملأ معه يشيرون إلى رموز للفساد والاستبداد والخيانة والأنانية والأثرة والانتهازية، وهنا فحين يخرج مبارك إلى الأمة التى ثارت ضده موفور الصحة والعافية وحوله عائلته ومساعديه، فكأنه يجيب عن سؤال هل حققت الثورة أهدافها؟ وهل قوى النظام القديم والدولة العميقة لا يزالون يتحسبون من قضاء الثورة ومحاسبة الثوار؟. لقد أصدر القاضى الذى تنحى عن نظر إعادة محاكمة مبارك من قبل حكما ببراءة جميع المتهمين فى فضية موقعة الجمل، كما أن فتحى سرور وصفوت الشريف وزكريا عزمى حكم لهم قضاة آخرون، وهنا فإن القاضى يفاجئ بغياب الأدلة المقدمة له من النيابة العامة والشرطة، وهنا السؤال الكبير وهو لماذا لم تشكل دوائر قضائية ثورية لمحاكمة هؤلاء المجرمين من رموز النظام السابق ليس فقط عن مجرد وقائع جزئية، وإنما عما اقترفوه فى حق الشعب المصرى من جرائم أهدرت كل ثروته الصناعية وماله العام، وجرائم التطبيع مع الكيان الصهيونى فى مجال الزراعة والذى دمر الزراعة المصرية، وتوظيف مؤسسات الدولة وموظفيها من أجل حماية الحاكم وأسرته.
ظهور مبارك ولو لإعادة محاكمته يؤكد أن الحالة المصرية لا تزال بعد تواجه تحدى الأسئلة أكثر من قدرتها على طرح الإجابات، والفعل الثورى فقط هو القادر على تفتيق الإجابات وتقديم الاجتهادات، أما تراكم الأسئلة وحيرتها فيشير إلى أن النظام القديم يبحث لنفسه عن مشهد فى الأحداث ولو من خلال قضبان أقفاص المحاكمات.
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامة شاهين
اليوم مبارك يبتسم و يقول بثقة لكل من حكموا من بعده : فشلتم و أنا أفضل منكم !!
عدد الردود 0
بواسطة:
على برهان سفير سابق
بالمقارنه بما نعيشه اليوم من خراب و غشم و هزيان ! فإن نظام مبارك هو من يمثل النهضة
عدد الردود 0
بواسطة:
mm
الي السفير السابق علي هارون
عدد الردود 0
بواسطة:
على برهان سفير سابق
الى رقم 3 : أنا لا أتفاخر يا يا أخ انا أذكر حقائق و أرقام و أنت تبرر الفشل لرئيسك و نظامه
و أسمى على برهان و ليس على هارون ! أصحى و فوق