اشتهر صفوت الشريف حين كان وزيرا لإعلام مبارك، بأنه كان أكثر من يضفى صفات سياسية خارقة على رئيسه، ويزيد على ذلك بخطب إنشائية لا تفيد، ورغم أنه أنشأ صرحا كبيرا، هو مدينة الإنتاج الإعلامى، فإنه جعل من الإعلام المصرى أضحوكة.
نحن الآن مع وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود، الذى يذكرك فى تصريحاته بمدرسة صفوت الشريف «الإعلامية»، عد إلى تصريحات الشريف وقارنها بتصريحات عبدالمقصود، ستجدهما يشتركان فى قاموس الصفات الخارقة على رئيسهما، كان «الشريف» يقول عن مبارك إنه صاحب المدرسة الوطنية الفريدة فى تاريخ مصر، وأنه صاحب «الضربة الجوية الأولى فى حرب أكتوبر، التى قادت إلى انتصار مصر فى حربها ضد إسرائيل»، أما عبدالمقصود فقال أمس الأول فى كلية إعلام الأزهر: «الرئيس كان يقود الكتلة المعارضة، وقاد النضال ضد الحبس فى جرائم النشر» و«الرئيس مرسى قاد المعارضة ضد تسلط المخلوع».
الثورة ضد مبارك ردت على ما كان يقوله الشريف فى حق رئيسه، أما كلام عبدالمقصود فيقودك إلى كذبة كبرى فى التاريخ، فلا الرئيس مرسى قاد النضال ضد حبس الصحفيين فى جرائم النشر، ولا كان قائدا للمعارضة ضد المخلوع، وخير الكلام هو الذى تسنده الأدلة.
كان النضال لإلغاء الحبس فى جرائم النشر، هو المعركة الخالدة للصحفيين منذ عام 1996، حيث انتفضت فى هذا العام نقابة الصحفيين ضد القانون الذى أصدره مجلس الشعب ليلا، ليضاف إلى ترسانة القوانين المقيدة لحرية الصحافة، احتشد الصحفيون وقتها فى معركة كبرى تحضنهم كل القوى السياسية المعارضة، وكان على رأس النقابة النقيب إبراهيم نافع، وليس معنى أنه من رموز مرحلة مبارك أن ننكر دوره فى هذه المعركة الخالدة.
اصطف الصحفيون وقتها من اليمين إلى اليسار، واستمر نضالهم أسابيع حتى تم إسقاط القانون، ولم يسمع أحد وقتها عن الدكتور محمد مرسى.
تواصلت المعركة بعد ذلك لإسقاط الحبس فى جرائم النشر، حتى بلغت ذروتها فى فترة جلال عارف نقيب الصحفيين المحترم، الذى ضغط على النظام بمؤتمر الصحفيين العام عام 2004، فقرر مبارك صباح اليوم الأول للمؤتمر إلغاء هذه العقوبة، ومع تلكؤ مجلس الشعب لتنفيذ وعد مبارك، دعا عارف ومجلس النقابة إلى حجب الصحف المستقلة والحزبية وحدث ذلك، كما دعا إلى مظاهرات للصحفيين أمام مجلس الشعب، وكان هو على رأسها مع صحفيين ومثقفين أذكر منهم بهاء طاهر وأسامة أنور عكاشة ومحمود أمين العالم، ولم يكن فيها إخوان باستثناء محمد عبدالقدوس الذى لا ينتخبه الصحفيون بوصفه إخوانيا، وإنما كنقابى محترم، ولم يكن للدكتور مرسى ذكر فى هذه المعركة.
كان مرسى نائبا فى البرلمان وقتئذ ورئيسا للكتلة البرلمانية للإخوان، لكن حمدين صباحى كنائب برلمانى وبصفته الصحفية، ومعه نواب صحفيون آخرون مثل محمد عبدالعليم داود، كانوا الفرسان الحقيقيين فى هذه المعركة تحت قبة المجلس، ومضابط جلسات البرلمان موجودة لمن يريد أن يعرف الحقيقة، صحيح أن نواب الإخوان وافقوا على مقترحات نقابة الصحفيين المعروضة على المجلس، لكن الصحفيين كانوا هم القائد الحقيقى لها.
كل هذا التاريخ يلغيه صلاح عبدالمقصود وتلك جريمة كبرى، خاصة أنه شاهد عليه، مما يعيدنا إلى سؤال: «هل هناك فرق بينه وبين صفوت الشريف فى المدرسة الإعلامية ؟».