يقرأ ويطبق بعضنا مفاهيم الشريعة الإسلامية الغراء بطريقة أحادية، مما يعطى صورة سلبية عن هذه الشريعة العظيمة.
فالشريعة الإسلامية تتميز عن غيرها بثنائيات هامة يحسبها الناظر إليها لأول وهلة كأنها متناقضة ولكنها متكاملة ومتجانسة.. ويهتم بعض الدعاة بواحدة فقط من كل ثنائية.
ومن هذه الثنائيات على سبيل المثال لا الحصر: الحق والخير.. الثبات والمرونة.. الواجب والواقع، القوة والجمال.. العدل والإحسان.. سد الذرائع وفتحها.. الصدع بالحق وعفة اللسان.. ظاهر النص ومقاصد الشريعة.. الحكم الشرعى ودورانه مع علته.. قوامة الرجل وكرامة المرأة.. فيهتم البعض بالقسم الأول من كل هذه الثنائيات ويغفل الآخر لسبب أو لآخر.
فالشريعة حق وخير.. وبعضنا يركز على جانب الصدع بالحق دون بذل الخير.. وننسى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن صادعاًً بالحق فقط.. ولكنه كان أيضاً باذلاً للخير وصانعاً للمعروف «إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق».
ولو بدأنا نحن مع هذا الشعب المصرى الفقير ببذل المعروف لسهل عليهم قبول الحق ومحبة الشريعة.
إن الذين يريدون حرق المراحل وإراحة أنفسهم من مسؤولية البناء وتبعات العدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة بين القوى والضعيف والوزير والخفير.. ويقفزون منها إلى تطبيق الحدود أو الحرب مع الآخرين أو عقاب ملايين المخطئين فى العصر البائد يضرون مصر والشريعة الإسلامية أكثر مما ينفعونها. وقد كنت دوماً أعرف الدعوة بعبارتين بسيطتين هما «الصدع بالحق.. والرحمة بالخلق».. فمن صدع بالحق ولم يرحم الخلق لم يعرف شيئاًً عن هذا الدين العظيم.
أما الثنائية الثانية وهى الواجب والواقع.. وعادة ما نتمسك بالواجب الشرعى ونهمل الواقع العملى الذى ستعمل فيه نصوص الشريعة.. أو نقرأ الواقع قراءة خاطئة.
فمشكلة المشاكل فى الحركة الإسلامية أن بعض الدعاة والخطباء يقفزون من كتب الفقه إلى منابر الدعوة دون أن يتوقفوا ولو للحظة بينهما ليعرفوا واقع مجتمعهم ومشاكله الحقيقية.. وأن يأخذوا من فقه السلف ما يتناسب مع واقعهم وأعراف مجتمعاتهم.
وعلينا أن نجمع بين الواجب الشرعى فلا نتركه تحت ضغط الواقع الصعب.. ولا نهمل قراءة الواقع قراءة صحيحة.. لأن هذا الواقع هو الذى ستعمل فيه نصوص الشريعة.. حيث لا تعمل هذه النصوص فى فراغ.
أما الثالثة فهى الثبات والمرونة فظاهرهما التناقض وحقيقتهما التكامل.. فلولا الثبات ما بقيت أصول الإسلام وأركانه باقية حتى اليوم دون تحريف أو تغيير.. فهى بمثابة الأعمدة التى تقوم عليها الشريعة.
أما المتغيرات فهو الجزء المرن منها الذى يتغير بتغير الزمان والمكان والأعراف والبيئات.. ويجعل الشريعة تتكيف مع مستجدات كل عصر.. وتجدد شبابها وحيويتها دون هدم لغاياتها وأركانها ومقاصدها العليا.. وهى التى جعلت الشريعة الإسلامية غضة طرية حتى اليوم. فالثبات على الأهداف والغايات العظمى للإسلام.. والمرونة فى الوسائل والأساليب، والثبات على الأصول والكليات.. والمرونة فى الفروع والجزئيات، والثبات على الأخلاق والعقائد.. والمرونة فى أمور الدنيا.. وفيما لا نص فيه.. وفى المصالح المرسلة.
وبعض الإسلاميين يحاولون تحويل الشريعة كلها إلى ثوابت بلا متغيرات.. وبعض العلمانيين يريدون تحويلها كلها إلى متغيرات بلا ثوابت.. وكلاهما مخطئ.
ينبغى علينا أن نكون فى صلابة الحديد مع الثوابت.. وأن نكون فى مرونة الحرير مع المتغيرات.. بدلاًً من تحويل المتغيرات إلى ثوابت.. أو الثوابت إلى متغيرات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahmed saber,
الله يفتح عليك
آه لو فيه زيك كتير ماكنش حالنا بقي كدا
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud tawfik
والله بانتظر مقالاتك
عدد الردود 0
بواسطة:
ماجد
كلام رائع - ياليت قومي يعلمون
المهم الذكاء في التمييز بين هذه الأمور
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو المجد المطعني
رائع دائما- ياليت قومي يفقهون
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو المجد المطعني
رائع دائما- ياليت قومي يفقهون
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوحمزه النعماني
لافض ..فوك
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
انا ارى رجل الدين سوف يتنازل عن ثوابته تدريجيا بمجرد دخوله وممارسته السياسه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ابو العباس
واصل العطاء
عدد الردود 0
بواسطة:
نشات زقزوق
مشكله الدعوه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى شوقى
طباع الشخص هى التى تحدد و ليس الدين