رأيت فى الرسالة التى أرسلها لى الأستاذ شريف وهبة ونشرتها أمس مناسبة جيدة للتأمل فى مشكلة «الفلول» بشكل عام وأحمد شفيق بوجه خاص، خاصة فى هذه الأيام التى يحكمنا فيها الإخوان بغبائهم السياسى النادر ما كان له أكبر الأكثر فى زيادة شعبية النظام السابق بكل أركانه، وليس أدل على ذلك من «تلويحة النصر» من مبارك لأتباعه.
استشهد الأستاذ شريف وهبة بكلمة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح عن أحمد شفيق أثناء الثورة التى قال فيها إن أحمد شفيق شخصية وطنية مرشحا إياه لتولى حكومة انتقالية، وقال إنه لم ير أحمد شفيق مجرما فى موقعة الجمل ملمحا إلى مسؤولية الإخوان عنها، وقال إننا أمام جماعة لها مصالح خاصة تسعى إلى التمكين من مفاصل الدولة، معتبرا تأييد الفريق شفيق من جانب حوالى 12 مليون مصرى شهادة على نزاهته وصلاحيته، مؤكداً فى الوقت ذاته أنه لولا «عصر الليمون» الذى روج له النخبة لما فاز مرسى بالرئاسة، مستفسراً عن حقيقة «التلفيق» فيما يخص الفريق شفيق، وأزيد على هذا ما حدث من حصول شفيق على البراءة فى قضية فساده بوزارة الطيران مؤخراً، وهو ما يضع موقف معارضى شفيق (وكاتب هذه السطور منهم) فقى مأزق حقيقى، فكيف بعد أن حصل على البراءة فى قضايا الفساد نظل على معارضتنا له بعد براءته من الفساد؟
أولاً وقبل كل شىء، فإنى أؤكد أننى لا ألوم من انتخب أحمد شفيق على ما فعله، ولا أتهمهم بأى شىء، سوى الاستجابة إلى الرضوخ للعبة قذرة أوقعنا فيها سوء التدبير والتساهل مع الخصوم أدت بنا فى النهاية إلى الاختيار ما بين السيئ والأسوأ، وإذا كان هناك 12 مليون انتخبوا شفيق، فإنى على يقين من أن أكثر من نصف هؤلاء صوت له عاصرا الليمون على نفسه، مثله مثل مرسى تماماً، وإن كنا نتخوف الآن من تمكين جماعة مرسى من مفاصل الدولة فما أقبح من تمكين «جماعة مرسى» الدينية إلا تمكين «جماعة شفيق» المباركية، وكلنا يعرف أن شفيق كان مدعوما بشكل خرافى من أجهزة ورجال النظام السابق بالشكل الذى جعله يتنقل بين مؤتمراته الانتخابية بسيارات شرطة لحمايته دونا عن بقية المرشحين، أما مسألة براءته من قضايا الفساد، فهذا لا يعنى أنه برىء، بل يعنى أن الأدلة التى حكمت المحكمة من خلالها لم تكن كافية، تماما كما حدث ويحدث فى كل قضايا النظام السابق، ولو كانت كلمات قيادات جماعة الإخوان المسلمين - وأبوالفتوح كان واحداً منهم حينما قال هذه الكلمة بحق شفيق – حجة على النظام السابق، فما علينا إلا أن نوافق على ترشيح جمال مبارك للرئاسة كما وافق بديع، وأن نجتمع مع عمر سليمان كما فعل مرسى، وأن نقول إن مبارك هو الأب كما قال المرشد الحالى، ومعروف أن جماعة الإخوان لا تنظر إلى شىء إلا لمصلحتها الوقتية.
القصة كلها يا أستاذ شريف تتلخص فى أننا مازلنا واقعين فى نفس الفخ، تضطرنا الأيام إلى الاختيار ما بين الفاسد والخائن، ومن يستجيب إلى أحد الاختيارين فليتحمل مسؤولية اختياره، تماماً كما يخيرك أحد بأن تشرب من مياه المستنقعات أو تشرب من مياه الصرف الصحى، وليس العيب فيمن يشرب من هذا ولا ذاك، وإنما العيب كل العيب ألا نحلم بأن نشرب ماء نقياً، فالمثل العربى يقول: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، فما بالنا نستسهل شرب القاذورات على الماء الزلال؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ميمو
ترى كم مليون ليمونة تم عصرها ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء الدين عطا الله
ياحلو بانت لبتك