يقولون دوما «فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء، لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء»، وحينما تحدثهم عن الإلحاد والكفار وغيرهم من التائهين فى دروب الدنيا، يخبرونك بأن نشر الدعوة فرض، والسعى لنشر الهداية ونصح الضالين وإرشادهم للطريق الصواب واجب حتى ولو كان على حساب جهدك ووقتك ومالك.. ثم يرفقون كل هذه العبارات المحفوظة بعبارة أخرى تقول: «وكله فى سبيل الله لا نبتغى وجها سواه ولا لمال نعمل أو جاه»، وقتها كنت أظن الكلمات السابقة دليل إخلاص، ولكن قادنى القدر لمشاهدة إعلان أكد لى أن لا وظيفة لها سوى «الزينة».
لو أن أحدهم أخبرك أن صحابيا جليلا من صحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام وقف فى ساحة الكعبة وجهر بصوته يعلن للناس أنه سينظم دروسا فقهية وفكرية لتعليم المسلمين فن الرد على كفار قريش وأسئلتهم وسخريتهم من الدين، مقابل الحصول على دينار أو شق تمرة من كل راغب فى حضور مجلس العلم.. لو أن أحدهم أخبرك بذلك، وجاء لك بألف كتاب يقول بتلك الرواية لن تصدقه، وستظل تبحث وتبحث حتى تكشف كذبته، ولكن حينما ترى بعينك أن واحدا أو مجموعة من هؤلاء الذين ظلوا لسنوات عديدة يقنعون الناس بأنهم خير خلف لأفضل سلف، وأنهم خير تابع للصحابة والأولين، وأنهم لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته منفذون وتابعون، ثم تجده فى يوم تالى رفع فوق شركته لافتة إعلانية تقول أنه على استعداد بأن يمنحك بعضا من العلوم الشرعية والفكرية التى تدافع بها عن دينك وعن سنة نبيك مقابل 300 جنيه.. وقتها فقط لا تلم ضعاف النفوس والصغير من الشباب حينما يخبرك بأن الدعوة إلى الله ما هى إلى تجارة يتربح من خلفها الشيوخ أو من يسمون أنفسهم كذلك، وأنه لا شىء من الشعارات المرفوعة الخاصة بأن الجهاد فى الدعوة ونشرها لأمر الله، صحيح أو خالص لوجه الكريم، بل هو وسيلة لجمع المال.
كل هذه المقدمة الطويلة لكى أخبرك أن الإخوانى فاضل سليمان الذى صدعنا طوال شهور مابعد الثورة عن مجد نشر الدعوة الإسلامية وأن كل إنسان يحمل فى داخله داعية واجب عليه أن يقوم بدوره لنشر صحيح الدين، هو ومجموعة معه أعلنوا عن تنظيم دورة تحت عنوان كيف تحاور مرتداً بين الإسلام والمسيحية والإلحاد؟
مدتها 12 ساعة مقسمة على 3 أيام مقابل 300 جنيه، مع خصم 50 جنيها للطلبة وتذكرة مجانية لكل خمس أشخاص يدفعون 1500 جنيه للمشاركة فى الدورة، ثم اتبع فاضل سليمان ومن معه من تجار الدين أساليب دعاية «كارفور» وباعة الأرصفة وأعلنوا عن خصم 100 جنيه لكل فرد يقرر الإشتراك فى الدورتين «كيف تحاور متنصرا» و«كيف تحاور مرتدا».. تحت شعار ادفع 500 جنيه بدلا من 600 ودافع عن دينك.
ولكى تكتمل العملية التجارية، وتتشكل أمامك الصورة الوقاحة لاستغلال الدين، وكذب كل الشعارات التى يرفعها أمثال فاضل سليمان وغيره من القائلين بالغيرة على الشريعة ودين الإسلام، يقرر المهندس فاضل والدكتور عمرو شريف أصحاب الإعلان أن يتضمن الإعلان فتوى تقول الفئات التى يجب عليها أن تحضر الدورة هى المؤمن الذى يريد أن يرقى بإيمانه وبالتالى كل من لا يدفع 300 جنيه للمهندس فاضل ومن معه يصبح شخصا رافضا للارتقاء بإيمانه، أما النوع الثانى الذى يجب عليه الحضور طبقا لفتوى المهندس فاضل سليمان فهو المؤمن الذى غابت عنه حقيقة الإنسان كجسد وروح وأبهرته كلمات الملاحدة وعلومهم، وهذا أيضا يجب أن يدفع 300 جنيه حتى يعلمه المهندس فاضل مانقصه من علم، وكأن نشر الدعوة «علبة سمن» لا يمنحها المهندس فاضل ومن على شاكلته سوى لمن يدفع السعر.. بدلا من أن يشعر سيادته بواجبه الشرعى فى نشر الدعوة ابتغاءا لمرضاة الله وليس وجه الحساب البنكى الذى فتحه لتلقى أموال الدورة فى بنك كريدى أجريكول.
الأزمة الكبرى فى الدورة التى ربما ترى أنت وهذا حقك أن المقابل المالى لا يعيبها، أن عنوانها يشبه عناوين الأفلام التى تصنع خصيصا من أجل إيرادات شباك التذاكر بغض النظر عن المضمون، كان الأولى بالسادة المنظمين أن ينشغلوا بتدريب الناس على كيفية الوصول إلى الحقيقة إلى جوهر الدين ذاته، كان ينبغى عليهم أن يبذلوا جهدا مع الدعاة والشيوخ لتطوير الخطاب الدينى، وليس مجرد ابتزاز للشباب والشخصيات البسيطة تحت شعار الدفاع عن الدين بتعليمهم آلية للرد على الملحدين.
محمد الدسوقى رشدى
كيف تحاور ملحداً بـ300 جنيه؟.. وتحصل على الإيمان هدية بـ0 5 جنيها؟
الخميس، 18 أبريل 2013 10:25 ص
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى بجد
اغيثونا
عدد الردود 0
بواسطة:
اللي يعجبك
أنا لا أفضل هذا لكنه ليس عيبا
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
أدعوا الى ربك باحكمة والموعظة الحسنة
عدد الردود 0
بواسطة:
انهم شيوخ الفنكوش
انهم شيوخ الفنكوش
انهم شيوخ الفنكوش
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحميد
الرسول يطلب مقابل للسؤال !
عدد الردود 0
بواسطة:
د/مـاهر
وأغلبهم تجار دين
عدد الردود 0
بواسطة:
Ashraf
الى معلق رقم ٥ عبد الحميد
عدد الردود 0
بواسطة:
د.حسام احمد
دا نصب علنى
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور عمرو
شتان بين هذا وذاك
عدد الردود 0
بواسطة:
مخطئ ربما يصيب
ارجو من الكاتب قراءة التعليق رقم 9