أثارت تصريحات السيد محمد مهدى عاكف لجريدة «الجريدة» الكويتية موجة من الغضب داخل أروقة نادى القضاة والمؤسسة القضائية، بعد وصفه للقضاة بأنهم فاسدون ومفسدون، وأنهم من قاموا بحل مجلس الشعب السابق، وأن أول قانون سيصدره مجلس النواب المقبل سيكون بتعديل قانون السلطة القضائية، وتخفيض سن التقاعد للقضاة والذى سيتم بموجبه الإطاحة بحوالى 3500 قاض من مناصبهم وإقصاؤهم، ودلل على ذلك بصدور حكم من القضاة ببطلان تعيين المستشار طلعت عبدالله كنائب عام، وعزل المستشار عبدالمجيد محمود من منصبه.
وهنا وفى ضوء هذه التصريحات فإن السؤال الذى يطرح نفسه بقوة، هو: هل سيعمد الإخوان فى الفترة المقبلة لإدارة دفة غضبهم على القضاة، والذين باتوا عاصين على حكم الإخوان من خلال الأحكام المختلفة التى صدرت فى الفترة الأخيرة، وهى حكم بإعادة المستشار عبدالمجيد محمود إلى منصبه كنائب عام، وعزل المستشار طلعت عبدالله والذى عينه الرئيس المصرى محمد مرسى؟، ثم الحكم بالإفراج عن الرئيس المصرى السابق محمد حسنى مبارك، بعد انقضاء أقصى مدة للحبس الاحتياطى المقررة له بموجب القانون المصرى، ولكنه فى الوقت ذاته سيظل رهن الحبس على ذمة قضايا أخرى؟.
وهنا فهل سيعلن الإخوان حربهم المقبلة على القضاة لكونهم غير قادرين على تطويعهم فى إدارة الدولة، بعد حربهم السابقة والتى لم تنته بعد على الصحفيين والإعلاميين والتى تجسدت فى إحالة العديد من الصحفيين والإعلاميين مثل باسم يوسف، وجابر القرموطى إلى محاكم أمن الدولة، واستدعاء آخرين إلى النيابة العامة.
وهنا فمن الواضح أن الإخوان أدركوا أنهم غير قادرين على تطويع القضاة فى مصر، وأن القضاة الشامخين عاصون على الإخوان، ولهذا بدأ الإخوان فى استخدام هذا الأسلوب والمنهج الذى تم استخدامه مع الإعلاميين والنشطاء، وهو التخوين واتهامات العمالة والفساد. وهنا فالسؤال لماذا وصف القضاة فى هذه المرحلة الحرجة بالقضاء الفاسد؟، أليس هذا هو ذاته القضاء الذى قام بالإشراف على مجريات الانتخابات الرئاسية وأعلن فوز الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية على منافسه الفريق أحمد شفيق؟، أليس هذا هو القضاء الذى أدار الانتخابات البرلمانية التى سبقته والتى حصلت فيها جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامى على الأغلبية البرلمانية؟ وهنا بات من الواضح أن الإخوان يعتمدون فى إدارتهم للدولة المصرية على العمل على تطويع كل القوى السياسية والمؤسسات داخل الدولة، ومن يرفض الانصياع للمسلسل الإخوانى لا يجد أمامه سوى الاتجاه المقابل، وهو الخيانة والفساد، لماذا يعمد الإخوان على الكيل بمكيالين تجاه جميع مؤسسات الدولة المصرية؟ ولماذا هذا الأسلوب فى التشكيك ورفض الاختلاف معهم؟. على الإخوان أن يدركوا جيداً أننا أمام دولة ذات سيادة ومؤسسات قانونية قائمة، تحكم بموجب القانون، وبناء على ثوابت وليس بمنطق الحكم الأخوانى، وهو اتباع من يريدون، إن المعايير المزدوجة التى يعتمد عليها الإخوان فى التعامل مع كل من يختلف معهم أمر فى غاية الخطورة، فهم يعمدون إلى التشويه المستمر، والإرهاب لكل من يختلف معهم فى الرأى.
إن طريقة إدارة البلاد على النحو السالف، لن تفضى إلى ما يريده هذا الفصيل من فرض وجهة نظره، لأن الشعب المصرى بات غير قابل للتطويع بأى حال من الأحوال، فقد أدرك الشباب أن مقاومة الحاكم أمر يسير أمام إرادة الشعوب، فعليهم الرجوع عما يقومون به تجاه القوى المختلفة، واحترام إرادة الشعب والمؤسسات المختلفة، والانصياع لدولة القانون بدلاً من سياسة الكيل بمكيالين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة