دماء المصريين التى روت أسفلت شارع رمسيس وما يجاوره من أزقة وميادين تستحق 3 أنواع من التعليق
1 -
مثلما خرجنا بشجاعة عقب أحداث الاتحادية، واتهمنا الإخوان بالبلطجة لأنهم نزلوا إلى حيث مقر اعتصام تيار سياسى آخر، واعتدوا على شبابه وأهله ونسائه بالضرب تحت شعار زائف وواهم اسمه نصرة الشرعية، وأشعلوا بهجومهم المنظم شرارة اشتباكات واقتتال أهلى فى شوارع مصر راح ضحيته 7 شباب مصريين، والعديد من الإصابات والجروح على أجساد شباب لا ذنب لهم، لكن الرئيس الذى وعد بحمايتهم وحماية حقهم فى التعبير كان أضعف من أن يحقق وعده.. مثلما فعلنا ذلك وقتها، وجب علينا الآن أن نقف ونتهم القوى السياسية والحركات والمتظاهرين – أياً كان لونهم أو انتماؤهم- بالبلطجة لأنهم تحركوا واعتدوا على مقر تظاهرة الإخوان المسلمين والقوى الإسلامية، ولأنهم يعلمون جيدا أن الاعتداء أو مجرد الاحتكاك بمظاهرة الإخوان المعلن عنها مسبقا سيتولد عنه اقتتال أهلى، ودم مصرى لا ذنب له سوى أن أطماع السلطة محت ما فى القلوب من إخوة وجيرة وعشرة.
2 -
أصبح الأمر مريباً وغريباً أن تعتاد عيونك على رؤية مشهد سيارات ومدرعات الأمن المركزى وهى تتحرك لضرب المتظاهرين وقنابل الغاز من وسط صفوف متظاهرى الإخوان، والجماعة الإسلامية، وباقى السلفيين..
المشهد الذى تكرر فى اشتباكات المقطم، ثم اشتباكات رمسيس مستفز، ويؤكد ما يسعى الإخوان لنفيه دوما بخصوص تحول الأمن وأجهزته إلى «مرتزقة» يخدمون أهداف الإخوان لا أهداف الوطن. المشهد يثير فى نفسك الكثير من محركات البكاء، خاصة حينما تتذكر أن الرئيس وجماعته على استعداد للتلون وتأويل وتزوير أى شىء للفوز بحماية أجهزة الأمن مثلما فعل الرئيس حينما قال إنهم صناع ثورة 25 يناير..
المشهد غريب لأن الداخلية تأخرت فى التدخل لفض الاشتباكات، ولأن دورها كان ينبغى أن يكون الفصل بين المتظاهرين، لا نصرة طرف على طرف آخر، ولأن هدف وجودها فى الحياة هو منع مثل هذه الاشتباكات من الاندلاع أساسا باتخاذ التدابير الأمنية والمبكرة لتأمين المظاهرات، المشهد غريب لأنه بدا كأنه إعادة لصياغة الشعار الشهير «إيد واحدة» واستبدال شعار آخر به يقول: «الأمن والإخوان وأى شيطان إيد واحدة ضد المتظاهرين والتيارات الأخرى».
3 -
من اشتباكات الاتحادية إلى المقطم إلى شارع رمسيس، يمكنك أن تلمس استهتارا واضحا من جانب الإخوة السلفيين والمنتمين للإخوان بتطبيق شرع الله الذى طالما صدعونا بالدعوة إلى تطبيقه.. وهل يمكن أن تعتبر الحرص على قتال أخيك المسلم إلا حرصا على إهدار دمه من أجل تحقيق غايتك أنت؟..
فى سورة النساء وتحديداً الآية 93 يقول المولى عزل وجل: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)، وروى الترمذى عن أبى سعيد الخدرى، وأبى هريرة رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِى دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِى النَّارِ)، كما روى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ).
هذا هو دين الإسلام، وهذه هى أوامر الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم، والنبى الهادى محمد صلى الله عليه وسلم فى أحاديثه الطاهرة، كلها تتحدث عن حرمة دم المسلم على المسلم، وتلعن من فتحوا الأبواب للفتنة، وتدين كل من تجنبها وذهب إليها بقدميه، وكل الشروحات الواردة خلف هذه الأحاديث فى البخارى، ومسلم، والنووى وغيرها تعرف هؤلاء القتلة بأنهم أولئك الذين يخرجون لنصرة قبيلة، أو عصبة، أو طائفة، وهو ما حدث أمام قصر الاتحادية على يد عناصر الإخوان الذين بادروا بالهجوم على الخيام، والنزول إلى أرض يعلمون جيداً أن بها معارضين للرئيس.
من المؤكد أن السادة فى جماعة الإخوان، والسادة السلفيين أصحاب اللحى الطويلة درسوا هذه الأحاديث جيداً فى مجالسهم الدعوية، ومن المؤكد أنهم طالما تفاخروا فى خطبهم بأن الدين الإسلامى يتضمن مثل هذه التعاليم الراقية والمتحضرة، ومن المؤكد أيضاً أن الكثير من أبناء التيارات الإسلامية يحفظون بعض هذه الأحاديث والآيات عن ظهر قلب، لكن يبدو أن للسلطة ودنوها وتدليها أمام قيادات الإخوان رأيا آخر، أو تأثيرا مختلفا على تعاليم الدين التى تخفى الجماعة بعضها، وتظهر البعض الآخر على حسب الحاجة السياسية، وبالتالى كان طبيعياً أن تختفى كل التعاليم الدينية التى تتحدث عن حرمة دم المسلم على أخيه المسلم حينما يحتاج قيادات الإخوان إلى إنقاذ رئيسهم محمد مرسى.