هل العنف فى الجامعات مخطط أم عشوائى؟ ومن المسؤول عنه؟ ولماذا يندلع فى هذا التوقيت؟ ولمصلحة من؟ أسئلة كثيرة تجيب عنها نظرية المؤامرة بحسم وثقة زائفة، حيث يرى أنصارها التفكير فى صفوف المعارضة أن الإخوان هم أصحاب المصلحة وهم وراء تفجير موجات العنف بل وراء تسميم طلاب الأزهر حتى ينجحوا فى إعادة الحرس الجامعى وقمع الحركة الطلابية الرافضة للأخونة. فى المقابل ستجد لنظرية المؤامرة أنصار كثيرين فى صفوف الإخوان يؤكدون أن المعارضة وتحديدا 6 إبريل وحمدين صباحى وراء الفوضى والعنف فى الجامعات لإحراج الرئيس وتصوير مصر على أنها دولة غير مستقرة!! والغريب أن أصحاب نظرية المؤامرة فى الحكم والمعارضة قادرون على تقديم مئات الحجج والأخبار والصور والمشاهد التى تؤيد وجهة نظر كل فريق، ومن الصعب أن تناقش تلك الحجج أو ترد عليها لأنه يتم تفسيرها والربط بينها بطريقة متعسفة ووفق منطق شكلى من المستحيل أن تقنع أصحابه بعدم صحته.
لا يمكنك الرد أو تصحيح أفكار وتصورات المؤمنين بنظرية المؤامرة سواء فى الحكم أو المعارضة لأنها تريح أصحابها، فتقدم لهم تفسيرات بسيطة للأحداث المعقدة من حولهم، ولا تدفعهم للبحث والتفكير، والأهم أن نظرية المؤامرة لا تحمل أنصارها المسؤولية عن الفشل أو التقصير، لأن الأحداث تجرى فى العالم نتيجة مخططات كونية وعملاء فى الداخل، وبالتالى لا يمكن مواجهتها أو الانتصار عليها، فهناك عقول ماهرة وأموال طائلة وعملاء مأجورون يحركون الأحداث! إذا طبقنا آلية التفكير على العنف فى الجامعات فلابد أن تسلم بأن هناك مخططا وقوى خارجية ودولية تحرك الأحداث من بعيد وبذكاء شديد، وطلبة مأجورين أو مغرر بهم، لكن إذا خرجنا من قيود نظرية المؤامرة فيمكن لنا التساؤل عن سوء أداء إدارة الجامعة، وكيف استسلمت لنظرية المؤامرة فلم تقاوم أو تعمل مع الأساتذة وبعض الطلبة لوقف مخطط أو نظرية الفوضى فى الجامعات، والأدهى أن إدارة جامعة عين شمس قررت الخروج من المعركة وإعلان الاستسلام الكامل من دون قيد أو شرط وأعلنت إيقاف الدراسة لأجل غير مسمى!!
أعتقد أن إدارة الجامعة استسلمت لأنها تفكر أيضاً وفق نظرية المؤامرة والتى تفترض دائما أن الأحداث مخططة وأكبر من إمكانيات الجامعة بل والدولة والشرطة، والأخيرة كان من الممكن الاستعانة بها لتأمين أسوار الجامعة من الخارج، ولاشك أن الشرطة لو كانت دافعت عن أسوار الجامعة كما دافعت عن مقر الإخوان فى المقطم لأمكن الحفاظ على مبانى الجامعة وانتظام الدراسة.
كنت أتصور أن مجلس جامعة عين شمس قادر على رفض نظرية المؤامرة وإعلان المقاومة، وكنت أتمنى أن يفكر من خارج صندوق المؤامرة، ويرفض فكرة وجود مخطط لنشر العنف والفوضى بالجامعات، ويفترض مثلى أن هناك فائض عنف فى المجتمع، وحالة من الأحباط العام والانقسام تفجر موجات عشوائية من العنف، تسجلها معدلات الجريمة وكثرة المعارك والاشتباكات الدموية بين بعض الأسر والقبائل بل والقرى فى ربوع مصر، باختصار إننا نعيش ما بين الثورة والفوضى، حيث تحطمت السلطة وهيبة الدولة والشرطة بعد الثورة وانتشرت حالات من الفوضى والعنف المعمم غير المنضبط والذى ينتشر بين الشباب المحبط من مسار ونتائج الثورة وأداء الحكم الإخوانى، ولاشك أن هذه الحالات قابلة للانفجار ولابد من التعامل معها بجدية وحزم ووفقا للقانون مع البحث عن حلول سياسية وأجتماعية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة