بينما كانت ما يسمى بـ«جبهة الضمير» تتحفنا باكتشاف مذهل جاء فى بيان لها أمس الأول قائلة: «إنها ممثل للثورة، والممثل الشرعى والشريف للمعارضة»، كان عاصم عبدالماجد القيادى بالجماعة الإسلامية يدعو إلى محاصرة منازل القضاة والمحاكم.
العلاقة بين الاثنين ليس فيها لبس من حيث المقصد والمرمى، فبينما تعطى «الجبهة» لنفسها صك «ممثل الثورة»، و«ممثل المعارضة»، يعطى عبدالماجد لنفسه وجماعته هذا «الصك»، ومن خلال ذلك يضعان القضاء هدفا، فيتمسكان بسرعة إصدار قانون السلطة القضائية، ويرفعان شعارا أجوف هو «التطهير»، ويتم استدعاء الأنصار بالعصى والشوم لتنفيذه، وإرهاب المعارضين لمقصدهم، والصيحة الجديدة التى يرفعها عبدالماجد هى، بدلا من مواجهة متظاهرين مؤيدين بمتظاهرين معارضين، سيأتى الدور على مواجهة القضاة بالعصى والشوم، ولأن السلطة لا تهش ولا تنش، فعلى القضاة أن يسلحوا أنفسهم بالعصى والشوم وهم يخرجون من بيوتهم للدفاع عن أنفسهم.
تطالب «الجبهة» بسرعة إصدار قانون السلطة القضائية وخفض سن معاش القضاة بهدف التطهير، ولا يلتفتون إلى ما يقوله المستشار زكريا عبدالعزيز: «المخطئون فى حق القضاة لا يتجاوز عددهم أكثر من %1 من العدد الإجمالى من القضاة»، ويقول المستشار محمود الخضيرى: «القضاة الفاسدون لا يزيد عددهم عن 20 قاضيا ممن شاركوا فى تزوير الانتخابات عام 2005».
إلى جانب ما ذكره عبدالعزيز والخضيرى، تأتى الاستقالة المتأخرة للمستشار أحمد مكى من منصبه كوزير للعدل، احتجاجا على ما يحدث للقضاة، لنجد أمامنا ثلاثة من رموز القضاء قريبين من جماعة الإخوان ونظام مرسى، ومن قبلهم المستشار طارق البشرى، يرفعون شعار الرفض فى مواجهة الإخوان وإخوانهم من الوسط إلى الجماعة الإسلامية إلى جبهة الضمير.
أدمنت جبهة الضمير أن تنسب لنفسها «الحكمة والثورة» فى آن واحد، وأدمن عبدالماجد التأكيد على حتمية دمج السياسة بالعضلات، وكلاهما ومع إخوان «الإخوان» أقاموا الدنيا وذرفوا الدموع لما حدث فى مظاهرات «المقطم» القريبة من مكتب الإرشاد قبل أسابيع، تحدثوا عن جرحى الإخوان، وقلة حيلتهم فى الدفاع عن أنفسهم.
فى مظاهرات جمعة «تطهير القضاء» لم يهتز ضمير «الجبهة» من اعتداء العشرات على صبى صغير، كان الاعتداء وحشيا بالعصى والشوم، قاد الاعتداء الهمجى شاب إخوانى يضع على رأسه عمامة خضراء عليها اسم الجماعة، مشهد يذكرك بمفتولى العضلات الذين تجمعوا أمام قصر الاتحادية للقبض على المعتصمين والتحقيق معهم.
والد الصبى الصغير عقيد الشرطة محمود القاضى خرج على الفضائيات باكيا لما حدث لابنه، استقبل الرئيس مرسى بعدها «جبهة الضمير»، لم تهتز لما حدث مع الصبى، وهى التى لا تكتفى باسم «الضمير»، وإنما تتحدث بالمرة عن حقوق الإنسان، بل إن من قادتها من هم أعضاء فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، لم تفتح فمها عما حدث للصبى، قالت للرئيس: «ولا يهمك يا ريس ضرورى إصدار قانون السلطة القضائية» فرد الرئيس: «جبهتكم هى الممثل الشرعى والشريف للمعارضة المصرية».. فكيف يستقيم ذلك؟