- توالت الاستقالات.. لرجال الرئيس.. منها ما كانت عند الأوان.. وأخرى كانت بعد فوات الأوان.. من المستقيلين من أعلنوا براءة ساحتهم.. ومنهم من اعترفوا بخطئهم.. وأعلنوا توبتهم.. وكان آخر الاستقالات، حتى الآن، استقالة مستشار الرئيس للشؤون القانونية.. الذى جلس على مقعد الدكتور عبدالرزاق السنهورى.. وهو أحد رجال القضاء.. ولن تنسى الناس.. أن مستشار الرئيس الحالى خطيئته كانت عظيمة.. لأنه شارك فى السياسة وهو على منصة القضاء.. وكان أولى به أن يعتزل القضاء.. ويعمل بالسياسة نشطاً هماماً، له كل الحق وكيفما يشاء.. لكن ظل متمسكاً بمنصبه بالقضاء وغارقاً فى العمل السياسى.. حتى الآن.. وأخيراً سواء كانت الاستقالة أو الإقالة.. بدأ متبرئاً من أخطائه.. ومعلناً حواراً مهماً وصريحاً بجريدة المصرى اليوم صباح الثلاثاء الماضى بعد أن قدم استقالته مساء الاثنين.. ثم أعلنت الاستقالة صباح الأربعاء.. مقرونة بأن الرئاسة مازالت تدرس أسباب الاستقالة وظل أيضاً ممسكاً بحالته ولم يترك مقعده، ثم ما لبثت الرئاسة أن أعلنت قبولها فى نبأ عاجل!!
- إذا كان الأمر كذلك.. فهل تعود بنا إلى المحطات الرئيسية فى الشارع السياسى منذ ثورة يناير 2011.. وما حدث فى المجتمع من انقسام.. وترويع وإقصاء، وسيطرة وتهديد وتحكم، أصاب السلطات جمعياً.. فلقد كانت السلطة التنفيذية فى يد الرئيس وهو على رأسها.. والسلطة التشريعية كلها من صناعته حتى ولو بالدستور.. والجمعية التأسيسية باطلة.. ورجاله منها.. ثم ضرب دولة سيادة القانون.. ومحاصرة القضاء، والاعتداء على السلطة فى سابقة لم تحدث حتى فى أيام الاحتلال الأجنبى بمشرع قانون مشبوه، فهل سيناقش فى أقرب وقت.. حتى لو كان الاقتراح المشبوه مقدما من «المفوضة الوسط» أو حزبه وعشيرته.. أم سيقفز من النافذة قبل أن ينقلبوا عليه ولن تنفعه الحصانة التى خصصت له شخصياً.. وفصلت أبعادها لحمايته.. بعد أن ظل فى جلباب أهله وعشيرته.. ولم يعد رئيساً لكل المصريين.. فهل سيفعلها الرئيس.. أم ينتظر بعض الوقت بعد فوات الأوان!!
- ومن قبل أكد الرئيس فى حوار له مسجل مع عمرو الليثى.. تأخر فى البث لساعات حتى الفجر منذ عدة أيام.. أنه مصر على إكمال فترة الرئاسة لمدة أربع سنوات.. لأن له استحقاقاً شعبياً لذات المدة، وهى المدة التى حصنتها المادة 226 أول مادة فى أحكام الانتقام بالدستور، مؤكداً أنه لم يفكر فى التنحى، لأنه مكلف بمسؤولية كبيرة جداً وأنها فى رقبته، وأنه ماض فى الطريق حتى نهايته.. فالشعب انتخبه لـ4 سنوات والشعب المصرى خلفه ويسانده ويدعمه ولن يخذل الشعب أبداً!!، إذا كان الأمر كذلك ولو صدقت رواية الرئيس.. فهل لديه أجهزة صادقة أمينة ومحايدة، تخبره بحقيقة ذلك الغضب الشعبى الصاخب.. وحقيقة ذلك التظاهر والاعتراض اليوم الذى ملأ الدنيا ضجيجاً بجميع المحافظات.. أم أن هذه الأجهزة من عشيرته وجماعته تقول عنها إنها الثورة المضادة.. وإنهم الفلول.. ومن ورائهم الإعلام المضلل.. والقضاء الفاسد.. وأن الشعب كله مازال معه.
- تعالوا بنا أيها السادة نبحث عما صارت إليه هوية الرئيس.. وما أصبحت عليه انتماءاته الحزبية.. والسياسية بعد أن تولى رئاسة البلاد وما هية منهجه وأسلوبه فى إدارة شؤون البلاد حكماً بين السلطات، وبعيداً عن نتائج الانتخابات الرئاسية.. والأعداد التى أعلنتها اللجنة، فى عصر يوم 24 يونيو الماضى، أى منذ عشر شهور، والعوار الذى امتلأت بها، ومازالت التحقيقات أمام قاضى التحقيق منذ وقتها وحتى الآن، واستصحاباً لما بدأته الجماعة العشيرة منذ بداية الثورة، والزهو بغزوة الصناديق عند الاستفتاء على تعديل ثمانية مواد فى الدستور الذى كان معطلاً، وبرغم القسم الذى أقسمه الرئيس أمام الجماعة فى ميدان التحرير وبين جماعته وعشيرته، وأمام المحكمة الدستورية العليا بعد محاولة الهرب من القسم أمامها، ثم مرة ثالثة قاعة المؤتمرات بجماعة القاهرة.. نجد أن ما آل إليه المشهد فى البلاد. ويعبر عنه الرأى العام.. وما شهد به مساعدو الرئيس ومستشاروه.. أن مرسى يستشير مكتب الإرشاد فى قراراته، وأن الجماعة غير جاهزة لإدارة البلد والرئيس لا ينفذ مقترحات مستشاريه.. ومنهم من كشف الأسرار.. ومنهم من تمت إقالتهم غضباً أدى إلى الإطاحة بهم.
- أما إذا تحدثنا عن أمور أخرى فإن الرسالة المسجلة التى أذاعتها قناة النهار فى برنامج «آخر النهار» مع الإعلامى عادل حمودة يوم الأحد الماضى.. عن الرئيس السجين.. والتى أحدثت انقلاباً مدوياً فى صفة الرئيس.. وأيضاً التقارير التى كتبت عن سير العمل فى الانتخابات الرئاسية.. عند الإعادة.. وأكدت وقائع التزوير أثناء الطباعة.. وأثناء عملية الاقتراع والتصويت.. والتهديد والترويع فى البلاد بحرق القاهرة.. كل ذلك يلقى ظلالاً كثيفة حول نزاهة وسلامة النتائج، والقول إنها انتخابات لأول رئيس بانتخابات نزيهة، بل هى انتخابات لأول رئيس سجين بانتخابات غير صحيحة ومزورة.. حقاً إنها فضحية كبرى فى حق الوطن.. فهل يستقيل الرئيس قبل فوات الأوان؟!